المحتوى الرئيسى

> شبابنا .. وشبابهم

02/13 22:59

وأقصد بالمقارنة هنا عزيزي القارئ أن تكون مقارنة زمانية ومكانية، أي الفارق بين شباب جيلي شباب نهاية الستينيات والسبعينيات وشباب 25 يناير بمصر وشباب البلدان العربية والإسلامية والأوروبية، والفارق الزمني بين شبابنا وشبابهم هو أننا في عام 1968 قمنا بمظاهرات ضد حكم عبدالناصر لأن الأحكام «القضائية» علي قيادات الجيش الذي انهزم في عام 1967 لم تكن مقبولة من الشعب وقد تم تحجيم هذه المظاهرات من الدولة ثم قامت مظاهرات الخبز 17،18 يناير عام 1977 وانتهت أيضا بقمع البوليس لها. والفارق بين شبابنا في مظاهرتي 1968، 1977 وشباب 25 يناير 2011 هي أن شبابنا لم يرتق حلمه إلي تغيير النظام، ولقد توقع أنور السادات ذلك وكان مستعدا في أسوان بطائرة خاصة لترك البلاد لكن الشعب لم يخطر بباله تغيير النظام ولن يرتق طموحه لذلك رغم انضمام جحافل من أبناء الشعب للمظاهرات، ولقد قام السادات سريعا بإقالة الوزارة والتراجع عن قرارات رفع الأسعار فانفضت المظاهرة وكانت نتيجة المظاهرات في 1968، 1977 أن أحبط الجيل كله، وانتشر اليأس من التغيير وهنا اتجه شباب جيلنا إلي ثلاثة طرق مختلفة، فريق حمل أمتعته وذهب إلي الخليج الذي فتح أذرعه للشباب المصري للعمل، وعادوا إلينا بعد عدة سنوات مطلقا ذقنه مختلفا في فكره ولقد أثر فيه الإحباط متجها نحو التدين الشكلي، والبعض الآخر استطاع باتصالاته أن يسافر إلي الخارج كندا وأمريكا وأوروبا، ولقد حقق نجاحات مذهلة وضحت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ومنهم من حصل علي جوائز عالمية في تخصصه، ومنهم من كون ثروات ضخمة، وآخرون صاروا من أفضل التقنيين في مجالهم، علي رأسهم مجدي يعقوب وأحمد زويل وفاروق الباز وغيرهم الكثير. إنما من بقي منهم ممن انخرط في العمل السياسي المتاح متزلفا للسلطة ومنهم من اتجه للعمل الثقافي والأكاديمي لكنهم جميعا نسوا أو تناسوا حلم التغيير والديمقراطية أما شباب 25 يناير فرغم أن منهم من عمل في الدول العربية «الخليجية» لكنهم وللعجب كان لهم تأثيرهم علي البلدان التي ذهبوا إليها وليس العكس، لقد احتفظوا بمصريتهم واحتفظوا بحلم التغيير واستخدموا التكنولوجيا الحديثة لتحقيق حلمهم. وهذا هو الفارق بيننا وبينهم، إن الفارق بين شباب 25 يناير شباب الخليج اليوم فهو شاسع ولأني أسافر إلي الخليج كثيرا فقد لاحظت أن شباب الخليج اليوم اختلف كثيرا عن شباب الخليج الذي كان في أيامنا، فشباب الخليج المعاصر صار غريبا عن وطنه وهويته فمعظمهم يتحدث الإنجليزية وينطق العربية بصعوبة وصارت ثقافته وسلوكياته وهويته غربية، بينما تميز شبابنا باحتفاظه بلغته العربية كلغة أولي رغم إتقانه الإنجليزية وأيضا إتقانه لأدوات العصر الحديثة، إنك اليوم عندما تسير في الإمارات أو البحرين أو الكويت أو أي من بلدان الخليج تشعر وكأنك في أوروبا، سواء في لغة الشارع أو المظهر العام أو السلوكيات أما شباب 25 يناير فقد تمسك بهويته المصرية تماما وبلغته العربية وبثقافته ولذلك استطاع أن يصنع التغيير. أما الفارق بين شباب 25 يناير وشباب أوروبا وأمريكا فقد تعلم شبابنا منهم الثورة السلمية، ورفعوا شعاراتهم من اليوم الأول «سلمية - سلمية» واستطاعوا أن يستفزوا البوليس المصري الذي تعود علي القمع، واستطاعوا أن يحصلوا علي تعاطف الجماهير المصرية التي تدفقت علي ميدان التحرير وكان واضحا للشباب أنه ما دامت الثورة سلمية فسوف تنجح وهو ما حدث فعلا باهتزاز أساسيات الدولة ثم انهيارها، لكن شباب 25 تفوق علي الشباب الأوروبي في عزيمته وإصراره واستمراره ونفسه الطويل الذي راهن النظام علي عكسه،. وظل الشد والجذب بين النظام وبينه علي مدي 18 يومًا، وهو ما لم يحدث مع شباب فرنسا وانجلترا. لقد كان واضحا من اليوم الأول لثورة الشباب أنهم يؤيدون الدولة المدنية، وأنهم غير مدفوعين من أي جهة خارجية وأن ليس لديهم الاستعداد للانطواء تحت حزب أو جماعة، لذلك تجاوب الشعب المصري كله معهم، وصاروا هم أبطال التغيير نحو الحرية والديمقراطية الحقيقية وهو المستقبل الذي تستحقه مصر بلا جدال. أستاذ مقارنة الأديان بكليات اللاهوت

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل