المحتوى الرئيسى

عاقبة الاستبداد بقلم رفيق علي

02/13 00:03

عاقبة الاستبداد تدور الأرض كالمعتاد، وتطلع شمسٌ وتغيب، وتمضي شهورٌ وتنقضي سنون، وتتحقق سنة الله في الحياة وتدبيره من السماء إلى الأرض، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لتدبيره تحويلا ! وبعد الصبر الطويل ونفاده يأتي الانفجار ليثبت أنه لا دوام لكابوس الظلم، ولا استمرار لنير الاستبداد ! ومع كل الأسف أنّ المستبد والدكتاتور لا يذكر هذه الحقيقة حتى يقع في صدق تحقيقها وتمام تصديقها، فيناله ما نال فرعون مصر ونمروذ العراق وشاوشسكو رومانيا، وغيرهم ممن أورد القرآن الكريم والتاريخ ذكرهم وعاقبة أمرهم.. فقد كفر فرعون وتجبر وتأله وقال لقومه لا أريكم إلا ما أرى، فأغرق الله تعالى فرعون وجنوده، وأورث الذين استضعفوا مشارق الأرض ومغاربها! وعتى النمروذ وعلا في الأرض وأوقد النار العظيمة ليحرق بها إبراهيم (عليه السلام) فأطفأها الله ونجّى إبراهيم ، وأرسل إلى النمروذ أضعف مخلوقاتـه " البعوضة " فقتله بها شرّ قتلة! وهكذا طغاةٌ كثيرون على مر التاريخ تجبروا وعلوا فخُلعوا أو قتّلوا ! فماذا ينتظر إذن طغاة العصر ؟ ذهب صيفٌ وصيف ألهبوا فيه الجلود ونهبوا الأقوات، ومر خريف وجاء شتاء وراحت أوراق التوت تتساقط وتكشف عن السوءات، وأخذت القصور العاليات التي بنيت بحجارة عظام الشعب، وشدّت بملاط نخاعه تترنح ثم تتهاوى! بالأمس فلان وغداً علّان لم يكن همه إلا العلو في الأرض والسلطان؛ لينكشف عن كاذبٍ مخادع بنى له كما الثعلب جحراً بفتحتين إحداهما قريبة ظاهرة حولها الأسوار، والأخرى بعيدة لا تلفت إليها الأنظار، لينفذ منها عند وقوع الأخطار! أيها الطغاة ! أيها العلمانيون ! لقد سنّ الله تعالى لنا الشورى في أمرنا فبدلتموها واتخذتم لكم بطانةً مستشارين يشيرون عليكم بما تهوى أنفسكم وترون، وآخرين من دونهم أغراب لا يشيرون عليكم إلا بما يخدم أقوامهم وينفع بلادهم فضللوكم وأورثوكم سخط شعوبكم ونقمة رعيتكم، فلا عجب أن يقوموا عليكم ويلفظوكم! وحذركم الله تعالى عاقبة الظلم ونهاية الفساد، وقال للمظلوم "لأنصرنّك ولو بعد حين" فلم تأبهوا بالتحذير ولا أنصتّم لصوت النذير! وتماديتم حتى لا سمع لمعارض ولا إنصاف لمظلوم؛ فماذا تنتظرون إلا أن تهبّ الشعوب هبتها وتطلق الحناجر صرختها، فتزول حكومات الظلم وتنهد عروش الباطل، كما هي سنة الله تعالى وتدبيره العادل " قدْْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " (النور: من الآية63) وتعلنونها دولةً علمانية .. ما يعني فصل الدين عن الدولة والحكم ! فأين كلام الله وأين حكمه إذ يقول : " فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " (المائدة: من الآية44) ويقول: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(المائدة: من الآية45) ؟ ثم تردفونها بالديمقراطية فلا يظهر منها إلا الوجه الدكتاتوري والحاكم المستبد الذي يجعل من حزبه هو الحاكم الدائم؛ بأن يشتري الأصوات أو يسيطر على صناديق الانتخاب فيستأثر بالحكم ولا يدع لغيره فرصة أو سبيلا إليه ! ولا تختلف كثيرا الصورة التي يصل بها نواب الشعب إلى مجلسهم الصوري الهزيل: فإما بشراء الأصوات أو بالوعود الوهمية الكاذبة ! أما بعض الأصوات الصادقة فتضيع بين ضجيج المداهنين أو سطوة الحزب الحاكم، وتضيع معها طلبات الشعب المقهور في تحسين الحال والتغيير! هل خرج الرئيس يوماً أو أحد أعوانه ليلاً يتفقد أحوال الرعية كما كان يفعل السلف الصالح من خلفاء المسلمين أو قادتهم، أم أرسلتم عيونكم لتتسمّع من ينتقد السلطة أو يعرّض بالسلطان، فيؤخذ به مكبلاً للسجن أو يخفى به وراء الشمس فلا يعلم أحدٌ مصيره؟ وهذا كلامٌ نقوله ونذكّر به القادم، فقد قضي الأمر بالغابر ولقي عاقبة ظلمه واستبداده، وإنما الأحمق من لا يعتبر بغيره !

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل