المحتوى الرئيسى

نهاية الفرعونية..!

02/12 22:02

لم يكن الانتصار الأكبر للثورة الشعبية المصرية، مجرد خلع حاكم وإجباره على التنحى والنزول على إرادة الشعب، ولا حتى إسقاط نظامه برموزه التى تعتقت على المقاعد مثله، ومؤسساته التى صنعها بيديه، بقدر ما يستحق «إنهاء الفرعونية» أن يكون النصر الأكبر والأعظم والأجل لهذه الثورة، إن حافظت عليه ونجحت فى حراسته. بسقوط الفرعونية تنضم مصر إلى معسكر الدول الطبيعية، التى يكون الشعب فيها هو مصدر السلطات بحق وواقع، وليس مجرد شعارات أو عبارات إنشائية فى الكتب المدرسية، والذين يتخوفون من أن «خلف كل قيصر يموت قيصر جديد» يتناسون أن الشعب الذى أجبر «قيصر» مثل مبارك، قضى 30 عاماً فى الحكم، وفرغ البلاد من أى كوادر قادرة على مجابهته سواء داخل النظام أو فى المعارضة، هو شعب قادر على أن يحمى ثورته ويخلع أى قيصر جديد يفكر فى الوقوف أمام أحلام الشعب وتطلعاته فى الحرية والديمقراطية والنهضة. أهم إنجاز لابد أن تبنى عليه الثورة، أن يعرف الرئيس القادم، متى سيغادر قبل أن يعرف متى سيتسلم مهامه، فلا يخلق الفساد إلا طول البقاء، خاصة إذا كان هذا البقاء معززاً بصلاحيات مطلقة، وخالياً من أى آليات حقيقية للمحاسبة والمساءلة. أمامنا الفرصة التى ستذهب بنا 50 عاماً للأمام، فى بناء دستور حديث يحترم التنوع، ويعزز تكافؤ الفرص، ويقدس تداول السلطة، ويحقق الفصل الحقيقى بين السلطات، ويبنى الندية والتكافؤ بين الأحزاب السياسية، ويضمن صندوق اقتراع نزيه، لا وسيلة غيره لبلوغ الحكم، ويكافح الاحتكار فى السياسة كما الاقتصاد. مصر اليوم على أعتاب دولة مدنية تصون القواعد الدستورية الحضارية، وآليات الحراك السياسى الشرعية، وتصون تكافؤ الفرص والمساواة بين مواطنيها، ولا تقبل التمييز القائم على الجنس أو اللون أو الدين، أو الانتماء الوظيفى، وفى انتظار رئيس جديد يأتى بإرادة صندوق اقتراع نزيه، لا يحقق فيه اكتساحاً، رئيس يحترم الدستور والقانون، ويؤمن بالحوار والديمقراطية، ولديه مشروع طموح لإصلاح عام وشامل يقوم على التطور الديمقراطى، وينطلق منه، ويؤمن بتداول السلطة ويلتزم بقيم المحاسبة، ولا يترفع عن المساءلة، ويتحمل بشجاعة مسؤولياته عند الإخفاق، لا يحيط نفسه بشبهات الفساد، ولا يعطل القانون فى مكافحة الانحراف. مصر اليوم فى انتظار معارضة حقيقية عصية على الاحتواء، تتعامل مع مؤسسة الحكم بندية، وتواجه فى كل دائرة وصندوق اقتراع، تكون حاضرة فى قلب المشهد، داخل المؤسسات، وعندما تضطر تكون فى الشارع دون مخاوف. مصر اليوم فى انتظار جيل جديد صنع الثورة ومهمته الآن حمايتها وحماية مكاسبه، بالاتجاه إلى قضايا التغيير الاجتماعى الإيجابى، الذى يقضى على كل مظاهر السلبية، ويدعم المشاركة، ويمنح المواطن الذى تابع الثورة بتعاطف دون تأييد كامل الثقة فى أنه صار بالفعل صاحب البلد، وتعزيز ملكيته تلك لا يتطلب سوى حركة منه فى طريق المشاركة فى التغيير الإيجابى، والإحجام عن الممارسات السلبية، والتعامل بندية كاملة مع كل مرافق الدولة. مصر اليوم تتطلع إلى جيشها الباسل وهو يسطر صفحة جديدة فى تاريخه المجيد يؤكد بها مكانته كرائد لمدرسة الوطنية المصرية، ويضيف إلى عبوره العسكرى عبوراً جديداً، وكما صاغ ملامح دولة يوليو، وقبلها قاد نضال الشعب نحو الحرية والاستقلال والكرامة، يشرف الآن على صياغة ملامح الدولة المدنية الحديثة، وعلى حراستها وحراسة شرعيتها. مصر اليوم أعظم وأجمل.. وستبقى..! [email protected]  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل