المحتوى الرئيسى

نحو انتخابات رئاسية مبكرة: خريطة طريق

02/11 18:33

انتخابات رئاسية مبكرة فى مايو القادم بعد تعديل دستورى فورى تقره الأطياف السياسية جميعها وحركات الشباب، ويمرره مجلس الشعب الباطل آلياً دون مناقشته ثم تُرفع جلساته مجدداً تمهيداً لحله وإجراء انتخابات برلمانية ومحلية نظيفة قبل نهاية العام الجارى. هذه معالم خريطة طريق مقترحة يمكن أن تقدم مخرجاً آمناً أخيراً وتجنبنا أخطاراً هائلة إذا ظل النظام بعيداً عن روح الثورة الشعبية. فلا جدوى من إعلان النية فى اتخاذ بضعة إجراءات للإعداد للانتخابات الرئاسية دون خطوات فعلية فورية ترتبط برسم خريطة طريق واضحة نحو مصر الحرة، بمشاركة الأطراف التى غابت عن الحوار مع السيد نائب رئيس الجمهورية حتى الآن. لقد أدى البطء الشديد فى التعامل مع المظاهرات منذ البداية، والتأخر المدهش فى اتخاذ قرارات لا بديل عنها، إلى إشعال الموقف وازدياد حدته. ولذلك أصبح ضرورياً الإسراع بإنجاز خطوات سريعة والتوافق على خريطة طريق تربط المرحلة الانتقالية حتى سبتمبر المقبل بما بعدها وتحدد صورة المستقبل. ويتطلب ذلك، أولاً وقبل كل شىء، صرف النظر عن قصة تنفيذ قرارات محكمة النقض بشأن الطعون المقدمة ضد كثير من أعضاء مجلس الشعب المشوب بالبطلان. فهذا الإجراء لن يزيل بطلان المجلس الذى يصعب تصور استمراره فى ظل تحولات يفترض أن تُقيم نظاماً ديمقراطياً خلال أشهر وليس بعد خمس سنوات. والأمر بسيط للغاية. فمادامت الأشهر الباقية حتى الانتخابات الرئاسية لا تكفى، يمكن إجراء انتخابات برلمانية نظيفة بعد انتخاب الرئيس الجديد بأسرع ما يمكن دون انتظار موعد الانتخابات فى سبتمبر. ولكن هذا يتطلب توافقاً يشمل الأطياف السياسية كلها قدر الإمكان على خريطة طريق كاملة، وليس مجرد اتفاق جزء منها على بضعة وعود بشأن المرحلة الانتقالية التى صار صعباً أن تستمر حتى سبتمبر بسلام. ولذلك أصبح التوافق على تقصيرها ضرورياً من أجل بناء الثقة الغائبة الآن. ولكى يحدث ذلك، ينبغى أن يشمل التوافق إصدار دستور جديد بعد الانتخابات الرئاسية أيضا. فالدستور الحالى، الذى ينتمى إلى عالم ينقضى، لم يعد يليق بمصر ولا يُعقل أن ننتخب رئيساً جديداً بشكل ديمقراطى وتنافسى فى ظل نظام سياسى تسلطى أحادى يقوم على حكم فردى. فدستور 1971 يتيح لأى رئيس إلغاء الشعب والحكم منفردا، بل إلغاء الدولة وتحويلها إلى سلطة احتكارية تمارسها حفنة من أصحاب النفوذ والمال كما حدث خلال الفترة الماضية. ومن هنا أهمية خريطة الطريق التى تربط إجراءات المرحلة الانتقالية بما بعدها، بحيث يكون واضحاً أن مصر تتحول فعلاً إلى دولة حرة عادلة يحكمها نظام ديمقراطى قابل للمساءلة والمحاسبة والتغيير فى ظل دستور ديمقراطى. وينبغى أن يرتبط ذلك باتخاذ خطوات فورية، فتعديل المواد الدستورية المرتبطة بالانتخابات الرئاسية ممكن فى يوم واحد. هناك مادتان (77 و 88) ستُعادان إلى ما كانتا عليه من قبل. ويتطلب تعديل المادة 76 توافقاً على ضوابط معقولة لضمان جدية الترشيح مثل حصول الراغب فيه على تأييد عدد معين من الناخبين (مائة ألف مثلاً أو أكثر قليلاً). ولذلك فلا مبرر لاستمرار البطء الممل الذى خنق الناس طويلا. غير أن أحد أهم شروط نجاح هذا التصور لخريطة طريق واقعية هو فتح حوار ديمقراطى مع ممثلى الشباب الذى أطلق الثورة، لأن من جرى الحديث معهم حتى الآن ذهبوا إلى السيد نائب رئيس الجمهورية بصفاتهم الشخصية. وليس صعباً إيجاد ممثلين لشباب الثورة بالرغم من أنهم لا ينتمون إلى تنظيمات توجد فيها هياكل قيادية. فثمة حركات أساسية معروفة كان لها الدور الأكبر فى الدعوة إلى مظاهرات 25 يناير. وقد اتفق كثير منها على قيادة تمثلها فى أى حوار جاد يضفى صدقية على خريطة الطريق التى لا بديل عنها للتقدم إلى الإمام فى خطوات سريعة تقود إلى مصر حرة تبدأ بإجراء أول انتخابات رئاسية حرة وتنافسية فى تاريخ مصر. ولكى تكون هذه الانتخابات مقنعة للمصريين بأن بلادهم تتحرر فعلاً، ينبغى أن يرقى التعديل الدستورى الجزئى المؤقت إلى المستوى الذى يساعد فى ذلك، وأن يتم تعديل القوانين الأساسية المقيدة للحريات بشكل فورى وفى مقدمتها قانون الأحزاب السياسية وقانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الانتخاب وقانون النقابات وقانون الجمعيات، فضلا عن القانون الذى ينظم عمل اللجنة العليا للانتخابات لكى تكون لجنة عليا فعلاً لا تعلوها سلطة أمنية أو سياسية. فهذا هو الطريق.. وهذه هى خريطته.. وإلا سيكون الثمن أكثر فداحة مما يتصوره أحد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل