المحتوى الرئيسى

كعب عاليوحشتنا يا احترام

02/10 13:03

حتي بات المؤدبون وأنصاف المتربيين يشعرون بأنهم رابع ثلاثية الغول والعنقاء والخل الوفي‏.‏ إحساسنا الذي بات متدنيا جدا بذواتنا‏,‏ احترامنا لأنفسنا ولبعضنا البعض الذي اختفي‏,‏ تفكيرنا في قائمة أولويات لا تضم لاعبين آخرين غير أنا ونفسي وذاتي كلها أشياء كدنا نحيلها إلي المتحف المصري باعتبار أن آخر عهدنا بها كان إبان عصر الأسرتين الـ‏16‏ والـ‏17‏ في مصر الفرعونية‏.‏ المؤكد أن الغالبية العظمي منا ظلت تعاني علي مدي سنوات طويلة من عرض اندثار الاحترام وتبخر الأخلاق وتقوقع القيم‏.‏ وكل من تربي منا في بيته علي قيم مصر الحقيقية من تعاطف مع الآخرين‏,‏ وتضامن مع الجيران‏,‏ وتراحم بين البشر بالتأكيد كان يعاني الأمرين علي مدي العقود الماضية‏.‏ ورغم أن فعاليات الثورة ونتائجها وما سئول إليه الأوضاع ما زالت غير واضحة المعالم بعد‏,‏ ولكن من أفضل ما أسفرت عنه أنها أكدت مما لا يدع مجالا للشك أننا شعب محترم وآدمي‏.‏ ولن أبالغ لو قلت أنني علي يقين بأننا عشنا سنوات في ظل مؤامرة داخلية‏,‏ اي منا فينا‏,‏ تمت حياكتها بحنكة شديدة وتمرس بالغ لنزع قيم الاحترام منا وإشاعة أجواء الفساد الأخلاقي والتدني القيمي بيننا‏.‏ فشيوع مثل هذه الفوضي الأخلاقية يوفر أحلي جو وأفضل بيئة للسرقة والنهب المنظمين‏,‏ واللذين يحتاجان إلي إبعاد الأنظار وإلهاء الأدمغة حتي يتم التفرغ لهما‏.‏ وأعتقد أن هذا ما حدث‏,‏ وهذا ما كنا ضحيته علي مدي سنوات‏.‏ لقد شاعت الفوضي الأخلاقية بيننا‏,‏ وصرنا مغموسين تماما في محاربة بعضنا البعض‏,‏ وكراهية كل منا للآخر‏,‏ وهو ما وفر البيئة المواتية للنهب المنظم لثرواتنا وخيراتنا وحياتنا‏.‏ وللأسف الشديد أن إحدي الجهات التي أشرفت علي تنفيذ هذه الخطة العبقرية كانت جهاز الشرطة الذي أشاع الفساد الأخلاقي بيننا‏.‏ ومن يتابع هذه الصفحة يعرف أنني كتبت مرارا وتكرارا عن هذا الموضوع‏,‏ ويعلم الله أنني كنت أفكر مرتين وثلاثا قبل أن أكتب الكلمات خوفا‏,‏ نعم خوفا‏,‏ من بطش الشرطة‏.‏ الباشا الضابط والبيه أمين الشرطة وحتي العسكري الغلبان تمكنوا من عمل إعادة صياغة لدور رجل الشرطة‏.‏ وبدلا من أن يكون كل منهم ملجأ للمواطن الخائف أو المظلوم أو الباحث عن مساعدة‏,‏ تحولوا إلي مصدر للتخويف‏.‏ صحيح أن هناك نماذج مشرفة بالطبع في داخل جهاز الشرطة لم تنزلق إلي غياهب الفساد والإفساد‏,‏ لكن للأسف أن الصورة العامة التي تحول إليها رجل الشرطة كانت بالغة السلبية‏.‏ وعلي فكرة‏,‏ لا أتحدث عنها عن الجريمة الكارثية التي حدثت في مصر ليلة الغياب الأمني‏,‏ فهذه قصة أخري‏,‏ ولكني أتحدث عن سنوات طويلة غابت فيها منظومة الشرطة المتعارف عليها في الدول المحترمة‏.‏ ولا أعني هنا الجنيهات الخمسة التي تدسها في يد الأمين حتي توقف سيارتك أمام البنك صفا ثالثا أو رابعا أو خامسا‏,‏ ولا أشير كذلك إلي المعاملة البالغة السوء التي تلقاها حين تتوجه إلي قسم الشرطة لتحرير محضر‏,‏ ولا أرمي إلي النظرة الفوقية التي يمعن الكثيرون من العاملين في الشرطة في تصويبها إلي خلق الله‏,‏ ولكني أعني الصورة العامة لرجل الشرطة وهيبته ومكانته والاحترام الذي يفترض أن يحظي به‏.‏ وليس أدل علي ذلك من المقارنات البسيطة جدا التي يعقدها الناس العاديون علي مدي الايام السابقة ومنذ نزول رجال القوات المسلحة إلي الشوارع بين الطرفين‏.‏ فها هو رجل القوات المسلحة يستوقفك في الشارع ليسأل عن بطاقة الهوية ويفتش حقيبتك‏,‏ لكن دون أن يشعرك بأنه إله وأنك عبد لا حول لك أوقوة‏.‏ وها هو يتحدث معك بحسم وصرامة‏,‏ ولكن في الوقت نفسه بأدب جم‏.‏ صدقوني إذا عادت لرجل الشرطة هيبته واحترامه لنفسه سيعود للشارع المصري ولنا احترامنا‏.‏ وحشتنا يا احترام‏!‏ ‏[email protected]‏  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل