المحتوى الرئيسى

أعصابهم جامدة بشكل

02/10 12:20

إذا كنت تمتلك روحا فكاهية، وتستطيع تذوق «الفكاهة السوداء»، فلا شك أنك- رغم غيظك- تقدر الحل الإبداعى الذى توصل إليه الرئيس برفضه التنحى رغم إرادة الشعب. يا لها من عبقرية! يا لها من حلول ابتكارية غير مُتوقعة تصيب الخصم بالارتباك! عبقرية الرئيس ذكرتنى بحكاية طريفة فعلا رغم ما يشيع فى تفاصيلها من سواد، حدثت فى أحد المستشفيات الخاصة بطنطا منذ سنوات طويلة، وتتميز بموقف إبداعى عفوى من رجل ريفى بسيط، لكنه فى جوهره يشابه موقف الرئيس. الحكاية تدور حول رجل ريفى ماتت زوجته العجوز فى المستشفى الخاص، وكان يسوّف طيلة الوقت فى دفع أى مبلغ على الحساب. حينما ماتت رفض أن يدفع جنيهاً واحداً، هدده المدير الصارم بحجز الجثة حتى سداد الفاتورة، وكان هذا هو أقصى إجراء فى وسعه، والمعتاد فى مثل هذه الأحوال ومع العواطف الجارفة المصاحبة للوفاة، ومع حرمة الموت لدى المصريين، أن ينهار الزوج باكياً، ويستدين أو حتى يسرق، من أجل تسلم جثة العزيزة الراحلة ودفنها بالشكل اللائق، فإكرام الميت دفنه، كما هو معروف، ولكن من قال إن هذا الرجل تقليدى؟ لقد نظر إلى المدير فى صمت ثم غادر المكان، لم يخطر على بال أحد أنه انصرف إلى حياته المعتادة فى الريف، ولذلك وضعوا الجثة فى الثلاجة كالمعتاد، متوقعين أن الزوج سوف يعود صاغرا بعد تدبير المبلغ فى ظرف ساعتين، ومرت ساعة، ساعتان، عشر ساعات، يوم كامل، يومان ولم يعد الرجل الريفى البسيط. ولأن الكوارث تأتى متتابعة فقد تصادف أن تعطلت الثلاجة الخاصة بالموتى وبدأت الرائحة الكريهة فى الانتشار، كل هذا والرجل الريفى لم يأت بعد، حينما انتهى اليوم الثالث انهار مدير المستشفى باكيا، وطلب من أحد الأطباء أن يذهب إلى قرية الرجل ويقبل قدميه كى يتفضل ويتسلم جثة زوجته مجانا، ويخلصه من هذه المصيبة. وبالفعل ذهب الطبيب الهُمام إلى القرية فوجد الزوج جالسا فى الغيط يشرب الشاى فى استمتاع شديد، وهو يستمع إلى أغنية لأم كلثوم من المذياع القديم المربوط بالحبال. وأخيرا، وبعد محاولات كثيرة لاسترضاء الزوج القوى الشكيمة ذهب الرجل مشكورا لأخذ جثة العزيزة الراحلة مجانا وفوقها (بوسة)، وأوصلته سيارة الإسعاف إلى مقبرة القرية دون أجر، وكان تعليق الطبيب الذى ذهب إليه كالتالى: «لقد حسبها صح، بس أعصابه جامدة بشكل!». النصرُ صبرُ ساعة، أن تضغط على أعصاب خصمك حتى ينهار، أخشى أن الثورة ستنتهى بشكل ابتكارى مصرى اسمه الطناش، ليس الرجل الريفى هو الوحيد الذى يملك أعصابا قوية، وإنما أيضا الرئيس، لقد تصور البعض أنه يكفى أن يخرج مائة ألف ليتنحى، وها قد خرج ثمانية ملايين، الطريف قوله إنه لا يبالى برأى الناس فيه وإنما يهتم بمصر! مصر التى فى الثلاجة منذ ثلاثين عاما.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل