المحتوى الرئيسى

> مظاهر الإجحاف بالمسيحيين

02/10 11:23

 كلماتي هذه اعتبرها شهادة حق سيسألني عنها من لا يغفل ولا ينام يوم يقوم الناس لرب العالمين، مع وعيي الكامل وعلمي ويقيني واستحضاري لقول الحق سبحانه: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيسْئَلُوُن)، فهذه شهادة حق أقيمها لله أولا ثم للناس والتاريخ، فأقول: إن مسيحيي مصر خاصة في الصعيد الذي عشت وتربيت وتعلمت فيه ومازلت خاصة في ريفه، منذ أن وعيت علي الحياة وأنا طفل صغير في الربع الأخير من السبعينيات حين بدأت أعي معني مسلم ومعني مسيحي أو (نصراني) وإلي لحظة خطي لهذه الكلمات وأنا أري المسيحيين في الصعيد خاصة في أرياف الصعيد مواطنين من الدرجة العاشرة، يعاملون شعوريا من قبل كثير من المسلمين وكأنهم جار أجرب منبوذ مكروه لا قيمة له ولا دية ولا ثمن، قد قبلوا بهم كجار رغم أنوفهم، هذا ما تم زرعه في وجداني وأنا طفل صغير سواء من أسرتي أو من أهل قريتي الصغيرة هنا في الصعيد في محافظة أسيوط أو من زملائي أو أساتذتي في المدرسة الابتدائية ومن جميع المحيطين بي في هذه البيئة التي شكلت وعيي وأفكاري ووجداني. ومن المقولات التي كانت تتردد علي مسامعي وكنت لم أتجاوز العاشرة بعد، وكانت تتردد في كل مكان في بيئتي الريفية الصغيرة وجعلتني أكره النصاري وأشعر بالحقد عليهم والقرف منهم، مثلا: كنا ونحن أطفال صغار يجتمع جميع أطفال القرية من المسلمين حين يقترب عيد الفطر أو عيد الأضحي ولا يفصلنا عنهم سوي ثلاثة أيام أو أربعة أيام كنا نجتمع لنطوف بكل شوارع القرية بما فيها الشوارع التي تضم تجمعات لبيوت (النصاري) ثم نغني ونقول: (عيدنا يا مسلمين والنصاري يشيلوا الطين، عيدنا ونعيدوا والنصاري يعيطوا)، وغيرها من الأغاني التي مازالت تتناقلها الأفواه والأجيال حتي الآن، ولقد سمعت الأطفال يرددون تلك الأغاني قبيل عيد الفطر الماضي 2010م حين كنت أقف ذات ليلة في شرفة منزلي هنا في قريتي في الصعيد، ولقد شعرت يومها بالضيق والحرج الشديدين مما دفعني للنزول إلي الشارع واستوقفت الأطفال ليلتها وأخبرتهم أن ما ترددونه كلام حرام لا يرضي الله ولا رسوله، وقلت لهم إن (النصاري) هم أناس مثلنا مثلهم وحرام أن نقول عنهم مثل هذا الكلام، وقلت لهم هل (النصاري) فعلوا لكم شيئا فيه أذي، أو هل أضروكم في شيء حتي تدعون عليهم بهذا الشكل، فرد علي طفل منهم وقال: (لأنهم مش مسلمين زينا وبيكرهوا المسلمين)، فقلت له وأنت كيف عرفت ذلك هل إنت شفت قلبه عشان تقول كده، المهم حاولت قدر ما تستوعب عقولهم أن أمسح من نفوسهم تلك الثقافة وذلك الفكر اللاأخلاقي. وكنت في زيارة لإحدي القري المجاورة الأسبوع الماضي وكانت السماء يومها تمطر بشدة فسمعت الأطفال يغنون ويقولون: (مطريها حجارة حجارة علي قلوب النصاري) (مطريها سكاكين سكاكين علي قلوب المسيحيين). وكذلك من المقولات التي شكلت وعيي وأنا طفل صغير تجاه النصاري، كنت دائما ما أسمع ممن حولي من المسلمين كلاما يضربون به الأمثال عن مدي سوء نية النصاري ومدي حقدهم علي المسلمين، كقولهم: (إوعي تأمن لنصراني أبدا، النصراني يوم أن يصفو قلبه لك، يكون قلبه زي قعر الحلة (إناء طهي الطعام) لأن قعر (الحلة) الوعاء الذي يطْبَخ فيه من كثرة وضعه علي النار يصبح قعره أسودً ومن الصعوبة التخلص من هذا السواد، هذا حين يكون قلب النصراني صافيا للمسلم، ناهيك عن أن (النصراني) لدي المسلمين من أهالي قريتي وفي معظم القري والأرياف مضربا للأمثال السيئة، فكل من لا يحفظ العهد أو يخون الأمانة أو لا يصدق القسم والأيمان أو يخلف الوعد يقولون له متهكمين: (أنت نصراني؟)، ويقولون: (لو نصراني ما يعملش إللي إنت عملته)، ويقولون: (لو حلفت لنصراني كان صدقني)، وغيرها كثير وكثير من الأقوال. وكذلك من الأقوال التي كانت سائدة وما زالت بين أطفال المسلمين في الريف أن النصاري حين يجتمعون في الكنيسة في قداس الأحد يقومون بإطفاء الأضواء داخل الكنيسة لمدة خمس دقائق أو عشر دقائق مباح فيها للرجل بأن يمسك بأي امرأة تنالها يده في العتمة ويفعل بها ما يشاء في خلال هذه الدقائق، وتسمي هذه الحالة بـ (خمسة فرفشة) أو (عشرة فرفشة). وقبل التسرع في الحكم علي هذه الوقائع فلا يظنن أحد أن المسيحيين بمنأي عن هذا الفلكلور الشعبي المضاد للمسلمين، فهناك كثير من الأهازيج والأغاني والنكات التي يرددها الأطفال والكبار المسيحيين في اتجاه المسلمين، إلا أن عامل الأقلية والخوف من بطش الأكثرية يمنع أطفال المسيحيين من الجهر بهذه الأغاني والأهازيج علنا في الشارع كما يفعل أطفال المسلمين. والبقية تأتي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل