المحتوى الرئيسى

> قصة خطابين

02/10 11:23

كتب: ديفيد ايزنهاورألقي أمس الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطاب "حالة الاتحاد" أمام جلسة مشتركة لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وبعد فترة قصيرة من إلقاء خطابه قدم المتحدث باسم الحزب الجمهوري رداً عبر التليفزيون، ووتبع ذلك تعليقات مثيرة للجدل من قبل أنصار كل حزب من اليسار واليمين، بل وتوقعات بأن يواجه الكونجرس الجديد بعض العثرات. ولكن ربما تقل حدة الانقسامات المعتادة فالمأساة الأخيرة التي شهدتها مدينة توكسون في ولاية أريزونا بإطلاق النار علي نائبه الكونجرس الأمريكي جابرييل جيفوردز أثارت الدعوات من أجل التعاون والوحدة. فمنذ نحو خمسين عاما في يناير عام 1961 ألقي اثنين من الخطابات التاريخية في غضون 70 ساعة تتناول السبيل الذي يمكن الأمريكيين من خلاله الالتفاف نحو مُثل محددة.ففي الـ17 من يناير القي الرئيس دوايت إيزنهاور خطاب الوداع التاريخي وتبعه الرئيس جون كينيدي في يوم 20 يناير بإلقاء الخطاب الافتتاحي له، فكل من هذين الخطابين قد ألقي من قبل معارضين سياسيين لديهما تناقض واضح في الأسلوب والفلسفة السياسية، ولكن تناولت الخطابات بعض النقاط الرئيسية مثل مسألة المواطنة في العصر الحديث. وبعد خمسين عاما لا تزال التحذيرات الشهيرة التي أطلقها إيزنهاور كأنها نبوءة، حيث حذر إيزنهاور من أن العملية الديمقراطية الأمريكية يمكن تقويضها من خلال النفوذ الذي لا مبرر له للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وأن السياسة العامة قد تقع أسيرة هيمنة النخبة العلمية والتكنولوجية ولا تزال تلك المخاوف قائمة في عام 2011، ومنذ عام 1961 التفتت القوي السياسية لتحذيرات إيزنهاور. وبالمثل.. فإن رؤية كينيدي نحو "ثورة سلمية للأمل" ستواصل الجهود للتغلب علي الفقر وتشجع التنمية الحكيمة في الداخل والخارج، فكلماته التي ألقاها بشأن المسئوليات الاجتماعية المتأصلة في مجتمع حر وعادل لا تزال راسخة في الأذهان، وكلمات تلك الخطابات كانت قد أصيغت بعناية فائقة وقد بذل الجهد لاختيار العبارات الدقيقة والكلمات المعبرة عن وجهات النظر المختلفة، وفي عام 1959 أعرب الرئيس إيزنهاور لمستشاريه عن رغبته في إعداد العديد من الخطابات من بينها خطاب وداع. ومن الأهمية بمكان اليوم الإشارة إلي أن خطاب كل من الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته والرئيس الديمقراطي الجديد أكدوا رؤية ثابتة لمسألة المواطنة علي الرغم من اختلاف منظور كل رئيس عن الآخر، فركزت خطابات إيزنهاور علي العقبات المحتملة "لتنشيط" المواطنة في عهده بينما كينيدي بسياسته الشهيرة في عهده "لا تسأل" سلطت خطاباته الضوء علي إمكانيات وواجبات المواطنة. ونري أن إيزنهاور وكينيدي وجها الدعوة للمواطنين للمساهمة في تحسين الظروف الاجتماعية والمشاركة في الشئون العامة. ومن ثم يتضح أن الأمريكيين قد يختلفون، ولكن حول الوسيلة وليس من أجل الغاية، وكما قال كينيدي "إذا ما تعرض الأمريكيون لتهديد ما سيدفعون أي ثمن ويتحملون أي عبء في مواجهة الصعوبات" سيواجهون ذلك من اجل الدفاع عن أمريكا وعن القيم الأمريكية أو كما يري إيزنهاور أن الهدف الأساسي لأمريكيين هو تعزيز التقدم في الانجازات البشرية لنشر الحرية والكرامة والنزاهة بين أبناء الشعب الأمريكي وبين باقي الأمم. وتضمنت خطابات إيزنهاور وكينيدي الموضوعات الرئيسية الأمريكية كالتفاؤل والإيمان بمستقبل أفضل.. فكتبت الولايات المتحدة الأمريكية فصلا جديدا في الحقوق المدنية. وفي يناير عام 2011 لا تستطيع للولايات المتحدة الأمريكية أن تصبح ساحة لمعركة الأيديولوجية وعدم الثقة، فالمعضلات والتحديات الأمريكية تتطلب إيجاد الأمريكيين قواسم مشتركة علي الأقل فيما يتعلق بالأساسيات، وهي فحوي الخطابات التي ألقاها إيزنهاور وكيندي علي مدي نصف قرن من الزمان، ألم يحن الوقت بعد لتجنب التأكيد علي الاختلافات وللتصرف كمواطنين ولإيجاد نقاط الاتفاق ولوضع الرؤية الأمريكية للمستقبل؟ فالخطاب السنوي لأوباما أمام الكونجرس يقدم الفرصة من جديد للأمريكيين ليخطوا خطوات نحو البداية. مدير معهد الخدمة العامة بجامعة بنسلفانيا نقلا عن لوس أنجلوس تايمز الأمريكية ترجمة ــ مي فهيم

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل