المحتوى الرئيسى

> السودان يتقدم باتجاه المستقبل

02/10 11:23

كتب: ثابو مبيكىسيحسم الاستفتاء الذي يجري حاليا في جنوب السودان النزاعات المميتة في ذلك البلد.كان السودان يخوض حربا مع نفسه لمدة 38 عاما خلال نصف القرن الأول من استقلاله. ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع إلي الأبد. كان علي السودانيين، عاجلا او آجلا، أن يجيبوا عن السؤال: ما الذي يجب أن يقوموا به لتحقيق السلام؟ خلال سنوات الحرب كانت الإجابة واضحة. وقد أعلنها التمرد الجنوبي الذي انطلق عام 1955، الأمر الذي أدي إلي اندلاع الحرب الأهلية الأولي. لقد حكمت بريطانيا الاستعمارية الشمال والجنوب ككيانين منفصلين. وأدت السياسات التي اتبعتها إلي تطور نسبي في الشمال وانعدام التطور في الجنوب. وبالتالي، فقد خشي الجنوب أن اندماجه في السودان المستقل سيؤدي إلي سيطرة الشمال عليه. وهكذا فقد لجأوا إلي السلاح للمطالبة بحكم ذاتي يسمح لشعب جنوب السودان بممارسة حقهم في تقرير المصير من دون أن يمتد ذلك إلي الاستقلال. وسعي التمرد إلي إثبات نقطة بسيطة هي أنه حتي يوجد السودان كدولة موحدة، عليه أن يبني نظاما دستوريا واقتصادا سياسيا يحترمان التنوع الواضح فيه وقد اختار الشمال رفض هذه المطالب وقمعها بقوة السلاح. علي غرار بريطانيا الاستعمارية، طبقت الجماعة الحاكمة السودانية الشمالية في فترة ما بعد الاستعمار سياسات فصل ضد الجنوب واستخدمت القوة لإدامة التباين الناتج. وكانت هذه الاستراتيجية تهدف للمحافظة علي وحدة السودان، لكن سيطرة الأقلية الشمالية أقنعت السودانيين الجنوبيين بأن عليهم أن يذهبوا الي أبعد من الطلب المقدم عام 1955 والقتال من أجل الاستقلال. وكانت قوة الموقف الأخير كبيرة فالجنوب يصوت لصالح الانفصال إلي حد أنه سيطر علي الموقف البديل الذي قدمه قائد الحرب الطويلة بين الشمال والجنوب، الراحل جون جرنج. وجادل جرنج بأن هدف الجنوبيين من كفاحهم المسلح يجب أن يكون إنشاء السودان الجديد. وسيكون هذا سودانا موحدا ديمقراطيا يحكمه الدستور والاقتصاد السياسي الذي يحترم تنوعه، كما طالب المتمردون عام 1955. لكن تلك الرؤية ماتت مع جرنج حين تحطمت الطائرة المروحية التي كان علي متنها عام 2005، في وقت مبكر من المفاوضات علي اتفاقية السلام الشامل التي كان يخوضها. مع سقوط تلك الرؤية، يبدو من الضروري أن يؤدي التصويت الجاري في استفتاء جنوب السودان الذي بدأ يوم الأحد إلي انقسام السودان إلي دولتين، الأمر الذي سيطبق بدءاً من التاسع من يوليو المقبل. السودان يجهز نفسه الآن لهذا الاحتمال. وقد زار الرئيس عمر البشير جوبا، عاصمة جنوب السودان، قبل خمسة أيام من الاستفتاء وأكد للجنوبيين أنه سينضم إليهم في احتفالاتهم إذا ما قرروا الانفصال. وفي وقت لاحق، قال إن الشمال سيساعد الدولة الجديدة للوقوف علي قدميها. لقد خاض القادة السودانيون مفاوضات من أجل التوصل إلي اتفاقية حول الإجراءات العديدة التي ستتخذ بعد الاستفتاء، والتي ستحدد العلاقات بين الدولتين المحتملتين. وقد اتفقوا علي أن يعمل الشمال والجنوب معا لإنشاء دولتين قابلتين للحياة، بناء علي قبول الاعتماد المتبادل بينهما، وبالتالي علي الأهمية الكبري للتوصل إلي تعاون يعود بالمنفعة المشتركة عليهما، والذي يهدف للترويج لتكاملهما كدولتين متساويتين. كما يتم التفاوض علي اتفاقات أخري تتعلق بأمور مهمة مثل المواطنة، والديون القومية، وتقاسم عائدات النفط، والاتفاقات المتعلقة بالعملة، والعلاقات بين المجتمعات عبر الحدود بينهما، والإجراءات الأمنية. وسوف تحدد هذه المفاوضات المؤسسات التي يجب إنشاؤها لإدارة العلاقات بين الدولتين في حال انفصال الجنوب. وفي الوقت نفسه ستستمر المفاوضات من اجل حسم مسألتين عالقتين هما منطقة ابيي وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وقد اصر بعض المعلقين علي ابراز الرأي القائل بأن السودان قد ينزلق مرة أخري إلي الحرب.غير ان الوضع الذي يواجه الشمال والجنوب كليهما، وكذلك المصالح الاساسية لكل منهما، يجبرهما علي المحافظة علي السلام الذي حل بينهما منذ اتفاق السلام الشامل. والواقع هو أنه لن تندلع حرب. وقد جرب خيار الحرب ومضي زمنه. ان الامكانية المثيرة هي ان من الممكن جدا ان السودان، بسبب تاريخه المؤلم، سيعلم افريقيا برمتها كيف تستجيب لتحدي التنوع الذي حرك صراعات كثيرة في افريقيا، بما في ذلك الصراعان الحاليان في ساحل العاج وجمهورية الكونغو الديمقراطية في شرقي القارة. رئيس جنوب أفريقيا السابق نقلا عن نيويورك تايمز

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل