المحتوى الرئيسى

> رجال من مصر

02/10 11:23

فتيان تفخر بهم السماء والأرض.. رأيت وجوههم المشرقة.. وأعصابهم التي لايهزها أعاصير أو براكين أو زلازل.. رأيت عيونا لا تعرف الخوف والقلق.. رأيت شبابا نحيلاً لم يأكل لأكثر من ثلاثة أيام، اللهم إلا بضعة أكواب من المياه لسد الرمق.. رأيت جبالاً متراصة كأوتاد الجبال.. لم تزحزحها قنابل مسيلة للدموع أو عصي غليظة تضرب بكل قسوة وجبروت ولم تحركهم رصاصات غادرة من أوامر حاقدة. أعترف بأنني أخطأت في تقدير الزمن.. وحسابات الأيام.. فقد كتبت طوال ثلاث سنوات عن أزمة الشباب ومعادلات الشارع.. وقلت إن هذا سيحدث بعدما ضاقت بهم الحياة بما رحبت.. فلا أحد استمع إلي آهات الشباب.. ولا أحد رأي أنين الشارع المحتقن.. وأخطأت لأنني قدرت هذه الغضبة بعد شهور أو سنوات من تدخل السماء والأقدار.. وعوامل الزمن. أخطأت.. في حسابات قراءة الترمومتر البشري المصري لأجيال لم تعرفها الأحزاب المصرية كبيرة كانت أو صغيرة.. أو أي حكومة سابقة.. مفردات لغتها أو خيوط طموحاتها.. أو آمالها فحصلت الأزمة.. الغضبة.. أو الثورة برائحة الأمل في غد أفضل وأوسع. رأيت شباباً لم يبحث عن قائد أو زعيم أو منظم لكلماته.. وغضبه ..وهذا سر نجاحهم.. فلم تفلح أعلي جهات أمنية داخلية كانت أو خارجية أن ترصد ميعاد انفجارهم الذي بات تحت الجليد سنوات يغلي ويهدأ.. ثم يفور في ميقات يشعر به هؤلاء الشباب فقط.. وحدد ساعته قلوب وعقول هؤلاء الفتيان في أجساد باتت تصرخ تحت صقيع الشتاء معلنة يوما غيرت فيه حسابات وموازين ومستقبل مصر كلها وسيكتب لهم التاريخ هذه السطور.. بحروف من «نار» و«نور».. «نار» لم يضغط علي مستقبل الوطن بعدم الاستماع.. و«نور» لم يرفع شعارات شخصية.. تهتم بالنخبة دون العامة.. تهتم بأفراد علي حساب جماعات. رأيت شبابا كأنهم الطوفان.. لم يخش سيارة.. ولم يجرح محالاً.. واعتقدت في البداية.. أن الزعيم غاندي تجسد في قلوب كل هؤلاء.. حتي سالت دماء بعضهم بين قتيل وجريح.. بأيدي حزمة من البلطجية المأجورة من أناس من السهل معرفتهم بالاسم والعنوان وجهة العمل. وأجمل ما رأيت أيضا.. أنه في فورة الغضب.. لم يتبنوا أجندات خارجية.. أو شعارات مستحيلة.. وأخيراً.. في خضم هذه الأحداث.. حاول بعض المرتزقة وأصحاب الفوضي اقتناص وتخريب أحد أعظم المشروعات الإنسانية وهو مستشفي 57357 الخاص بالأطفال.. استنجد الأطباء والعاملون برجال ونساء المنطقة المحيطة لينقذوا هذا الصرح الكبير من السرقة.. فخرج رجال ونساء «المدبح» واصطفوا دروعاً بالأسلحة البيضاء لأكثر من ثلاث ليال حول هذا الصرح.. حتي يئس بلطجية الأجندات الداخلية الخاصة من أذيال بعض رجال الاعمال واعضاء مجلس الشعب وهربوا المذعورين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل