المحتوى الرئيسى

أبوالفساد

02/10 11:22

لا شىء فى هذا العالم بلا أب ولا أصل وحسب ونسب، وللفساد أب مثل غيره لا يخلق من العدم، ولا يتمدد دون رعاية أبوية من «مرشد أعلى» يطلق ضوءاً أخضر أو يسير على طريقة «إذا كان رب البيت بالدف ضارباً»، أو حتى يتم «استغفاله» لعقود، فيصبح مشاركاً فى الفساد بالصمت عليه أو عدم الاكتراث بملاحقته والبحث وراءه، أو عدم القيام بمهامه الأصيلة فى حماية البلاد منه. هل يكفى أن يقدم النظام رموزاً له للتحقيقات والمحاكمات دون أن يتحمل جزءاً من هذه الاتهامات، على الأقل بتهيئة المناخ ورعايته لنشوء هذه الظواهر السلبية ونمو مساحة الفساد ذى العلاقة بالمال العام والتربح من السلطة والنفوذ. إن لم تكن هناك مسؤولية للرئيس عن الفساد بمعنى «المشاركة»، فعليه على الأقل مسؤولية سياسية كبيرة تستوجب أن يعتذر للشعب عن نهب ثرواته بسبب اختياراته لمساعديه أولاً، ورخاوة أجهزته الرقابية ثانياً، وإخصائه للقرار والإرادة فى مكافحة الفساد ثالثاً. لا أحد يختلف الآن حول وجود إرادة سياسية لمواجهة الفساد أو قدر منه على الأقل لتهدئة رأى عام غاضب وثائر عبر تقديم مجموعة من الكباش الثمينة لفدو النظام كله ومحاولة النجاة به، لكن كل ذلك يحمل فى طياته إدانة للرئيس.. فالحديث المكرر عن فساد الأطراف دون المركز وفساد الجسد مع احتفاظ الرأس بنزاهته لم يعد يجدى فى الدفاع عن الرجل الذى حكم وتحكم طوال ثلاثين عاماً متصلة بصلاحيات مطلقة «شبه إلهية». لكن أمام كل هذا تتجلى عدة ملاحظات: أولاها أن زمن إخضاع مكافحة الفساد للقرار السياسى لابد أن يرحل مع النظام هو الآخر، فلا يعقل أن يظل مكتب النائب العام متخماً بالملفات ومنتظراً ضوءاً أخضر للقيام بواجبه فى انتهاك خارق لسيادة القانون وتعطيل لمجرى العدالة. كذلك أن الرئيس طوال ثلاثين عاماً يخطئ فى اختيار مساعديه ورموز حكمه، حتى إن أغلبه تثور حوله الشبهات، فإذا كان لا يجيد الاختيار الصائب فهذا وحده سبب كافٍ كى يغادر منصبه. أيضاً الرئيس طوال سنوات حكمه الطويلة بدا أنه غير مكترث فعلياً بمكافحة الفساد، وأن من يتساقطون أقل بكثير من المفترض ملاحقتهم، وبدا أنه يعطل تحقيقات كانت جارية بالفعل ويفرض حمايته على آخرين، حتى إنه منح أحد رموز الفساد تكريماً رسمياً كبيراً، رغم كل ما يواجهه من اتهامات، فإذا لم تفسر ذلك بأنه شراكة فى الفساد فهو على الأقل رعاية له، بما يؤكد أن مغادرة الرئيس منصبه باتت واجبة كذلك، فمهمته فى الحفاظ على مصالح الشعب لم تعد تؤدى بالكفاءة المطلوبة. لن أحدثك عما يدور حول ثروة الرئيس وأسرته ومصادرها، فذلك متروك لأولئك الذين تحدثوا عن أن كرامة وأخلاق مصر تأبى إهانة رئيسها وإخراجه من السلطة متنحياً، وعليهم الآن أن يدافعوا عن كرامة مصر التى يتهم رئيسها فى وسائل إعلام غربية معتبرة بالتربح من منصبه الرفيع، هو وعائلته، بثروة تكفى لانتشال البلاد من عثرتها دون أن يحاول مسؤول رسمى الرد على هذه التقارير أو حتى جرجرة الصحفيين الغربيين، الذين يلوكون سمعة الرئيس فى المحاكم الغربية. الخلاصة: إذا لم يكن الرئيس أباً للفساد وشريكاً فيه هو والنظام الذى قاده، فهو على الأقل راع له إما بالتمرير أو التغاضى أو حتى بالجهالة..! [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل