المحتوى الرئيسى

مصر بين الأزمة والتغيير

02/10 08:23

لا عجب أن يطلب الشعب إسقاط الرئيس وأن يكون هذا هو الهدف الذى اجتمعوا عليه بكل أطيافهم ودون قبول لأى تفاوض بشأنه بعد أن علموا أن شخصنة السلطة فى مصر قد أصبحت واقعا ملموسا، حيث عمد رجال النظام الذى تنادى الجموع الثائرة بإقصائهم ومحاكمتهم إلى اختزال الدولة وجميع سلطاتها فى شخص رئيس الدولة، فكانت النتيجة أن يطالب الشعب بإسقاط هذا الرئيس الذى أصبح متحملا كل أخطاء النظام وأصبح الشعب يرى أن خروجه من الأزمة التى أوقعه فيها فساد النظام الحاكم مرهون بإسقاط هذا الرئيس الذى قبل أن تختزل الدولة والسلطة فى شخصه بطريقة ممنهجة ويقصد بشخصنة السلطة المزج بين السلطة وشخص رئيس الدولة حتى يعنى أن الرئيس هو صاحب السلطة. كما أن إطلاق لفظ السلطة ينصرف إلى رئيس الدولة وهو ما يؤثر بالطبع فى مدلول الدولة ويحصرها فى شخص رئيس الدولة الذى يتصرف وكأن الدولة، بإقليمها وشعبها، مِلك له يتصرف فيه كيفما شاء حتى وإن خالف ذلك الدستور والقوانين المعلنة وتشتد الخطورة فى هذا الأمر لدرجة أن الحاكم أو الرئيس يعتبر أى معارضة لحكمه أو تصرفاته تعد خيانة للوطن، وتضحى شخصية رئيس الدولة هى شخصية الزعيم الذى يتعين الالتفاف حوله للحفاظ على مصلحة الشعب والوطن وتظهر شخصنة السلطة بصورة واضحة فى الأنظمة السياسية لدول العالم الثالث،  مما أدى إلى تقهقرها عن مدلول الدولة الحقيقى وأصبحت أموال الدولة وسلطاتها تختلط بأموال الحاكم ورغباته ولا مراء أن شخصنة السلطة ظهرت بصورة واضحة فى مصر على مر عصورها ولا أعفى الرئيس مبارك موافقةً أو تصريحاً من الوقوع فى ذلك وقد بدا ذلك واضحا فى العديد من خطبه وتصريحاته وأحاديثه ومنها مثلا ما ورد فى حديثه لجريدة «الوطن العربى» المنشور بالأهرام يوم 6/11/1987م من قوله: «أنا كرئيس دولة أعمل طالما لدى القدرة على العمل وحين يصيبنى التعب أترك المسؤولية لغيرى» دون وضع أى اعتبار للإرادة الشعبية فى التغيير. كما أن شخصنة السلطة تؤدى بدورها إلى اتجاه الاستفتاء على شخص الرئيس أو تعديل مواد الدستور إلى نوع من تكريس السلطة فى يد الرئيس وتوجيهها إلى شخصية الزعيم وتأكيد الثقة فيه أكثر من اهتمامها بمضمون ما يستفتى عليه الشعب ولعل هذا ما يفسر ما تدل عليه التسعات الثلاث 99.9% أو الأربع 99.99% التى تعلن بها نتائج الاستفتاء فى دول العالم الثالث، فمن غير المعقول أن يتفق 99% من الناس فى أى مجتمع وفى أى زمان على أى شىء، مما حدا بالعديد من فقهاء القانون إلى القول إن الاستفتاء بهذا المعنى لا يعبر عن الإرادة الشعبية وإنه نوع من الاسترآس وإضفاء نوع من المشروعية الصورية على الاستبداد السياسى رغما عن الإرادة الشعبية ونصوص الدستور الذى نصت المادة الأولى منه على أن (جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى000) كما نصت المادة الثالثة منه على أن (السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها000). لقد قبل الرئيس أن تختزل الدولة والسلطات فى شخصه وسكت عما جرى من عبث بمواد الدستور وقد أصبح الآن هو الوحيد الذى يتحمل أمام الشعب أخطاء وفساد رجال النظام الحاكم الذى يترأسه وأصبح خروجه من الحكم مطلبا شعبيا للخروج من الأزمة التى تمر بها البلاد، ولابد أن ينصاع النظام الحاكم فى أى دولة تحترم الدستور والقانون للإرادة الشعبية. [email protected]  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل