المحتوى الرئيسى

آخر الأخبار:2010 عام التقشف في أوروبا وبروز الاقتصادات الناشئة

02/10 01:13

لم تكن وطأة العام 2010 سهلة على اقتصادات العالم، ولا سيما لمنطقة اليورو، التي بدت للأذهان أقرب إلى عبارة "أوروبا القديمة" التي كان أطلقها وزير الدفاع الأمريكي سابقاً دونالد رامسفيلد عند انطلاق ما عرف بالحرب الأمريكية على الارهاب، والتي قد تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عما أعقبها من ركود اقتصادي بدأت سلسلته من الولايات المتحدة نفسها عام 2009. مديرا صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الاوروبي في قمة ببروكسل وتعود هذه العبارة الآن للتمييز بين "اوروبا القديمة" و"أوروبا الحديثة" اقتصادياً، في ظل بروز أسواق ناشئة جديدة والتهديد الذي ستشكله مستقبلاً الدول الناشئة (البرازيل والصين وروسيا والهند) للدول الكبرى "القديمة". وبينما تبنى الآمال على أن الدول النامية ستساهم ب‍ 50 في المئة من النمو الاقتصادي في السنوات العشر المقبلة، وما سيترافق معها من بروز 700 مليون شخص يدخلون الطبقة المتوسطة، إلا أنه سينجم عنها استحداث فرص عمل بنسب غير متوازية. لكن أسواق الدول الناشئة تعاني من قوانين تقلل من عائداتها. فثلاثة منها، البرازيل والهند والصين، بدت هذا العام في وضع جيد. اذ نجحت الصين في تخويف السائرين خلفها وتطويعهم. سياسات التقشف تسببت في اعمال شغب حول أوروبا المخاوف من ديون منطقة اليورو ونجاح الاتفاقات بين صندوق النقد الدولي ودول شرق أوروبا والانتخابات والاحتجاجات ومقاليد الزعامة في روسيا والانقسامات الداخلية في تركيا، كلها عوامل قد تؤثر على المستثمرين في الاسواق الأوروبية الناشئة خلال عام 2011. وسعت الاقتصادات الأكثر رسوخا في غرب أوروبا جهدها لاحتواء أزمة ديون منطقة اليورو. وتمثلت القضايا الرئيسية ما إذا كان بمقدور الدول التي واجهت المتاعب الأكبر في منطقة اليورو - لا سيما اليونان وايرلندا والبرتغال وايطاليا واسبانيا - تطبيق تخفيضات صارمة في الانفاق وتهدئة أسواق السندات وإن كان بوسع منطقة اليورو أن تنهض باصلاحات أوسع. فإذا انزلقت دول غرب أوروبا إلى الركود مجددا في العام 2011، فإن تأثير ذلك على صادرات دول أوروبا الناشئة قد يكون له تداعيات ملحوظة على الاقتصادات والأصول. وفي العام المنتهي، بلغ معدل البطالة في دول منطقة اليورو وحدها الى 10.1 في المئة في اكتوبر/ تشرين الاول بعد ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في ايطاليا واستقرار معدل البطالة في اسبانيا مع تراجع طفيف في المانيا وفرنسا. وهي اعلى نسبة بطالة في منطقة اليورو منذ يوليو/تموز 1998 بحسب هيئة الاحصاء الاوروبية (يوروستات). اما معدل التضخم في دول اليورو (16 دولة)، فبقي على مستواه؛ 1.9 في المئة. وعانت المانيا من اسوأ ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية وانكمش اقتصادها بنسبة 5 في المئة في 2009، لعيود اكبر اقتصاد في منطقة اليورو زيشهد تعافيا عام 2010 مع زيادة الطلب العالمي على الصادرات الالمانية. وتراجع عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا بمقدار 14 الف شخص ليصل الى 2.931 مليون، في اول هبوط لعدد العاطلين اقل من 3 ملايين في غضون عامين. وشهد ثاني اكبر اقتصاد في منطقة اليورو، فرنسا، تراجعا طفيفا في نسبة البطالة من 9.9 في المئة الى 9.8 في المئة. بينما ظلت نسبة البطالة في اسبانيا، اكثر المتضررين من الازمة الاقتصادية العالمية، عند مستواها، 20.7 في المئة. وكانت النتيجة أن اعلن الاتحاد الاوروبي عن خطة انقاذ شاملة يشارك فيها كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بلغت قيمتها 750 مليار تستمر لغاية منتصف عام 2013. كما أعلن زعماء الاتحاد الأوروبي عن تشكيل شبكة أمان مالي دائمة لن تبدأ العمل قبل العام 2013، وتحرك البنك المركزي الاوروبي لزيادة تمويل الشبكة لمواجهة أزمة الدين التي عصفت بمنطقة اليورو. الولايات المتحدة قوة الاستهلاك الامريكي عادت وفي الولايات المتحدة، جاءت ارقام اجمالي الناتج الداخلي فيها لفصل الصيف مخيبة للآمال، اذ جاء الاستهلاك اقل قوة مما كان يعتقد في الفصل الثالث، فيما اعتبرت الارقام الجديدة لنفقات الاسر واعدة. وبحسب وزارة التجارة الامريكية، ارتفع الاستهلاك في نوفمبر/ تشرين الثاني للشهر الخامس على التوالي بنسبة 0,4% مقارنة بشهر اكتوبر/ تشرين الاول ، اي اقل مما كان متوقعاً. الا ان الرقم الجديد للوزارة بشأن الشهر الذي سبق، والذي شهد زيادة قوية، الى 0,7%، سمح بتجاوز هذه الخيبة، مما يشهد على قوة الاستهلاك التي اختفت منذ بدء الازمة الاقتصادية اغسطس/ آب 2009. وحمل مؤشر تسجيل العاطلين الجدد عن العمل مزيداً من الأمل. فقد بقي قريبا من ادنى مستوياته خلال العام في الاسبوع الذي انتهى في 18 ديسمبر/ كانون الاول. وتبقى نسبة البطالة مرتفعة جدا عند 9,8%، وتبقى عائقا امام تحسن الاستهلاك. لكن الكارثة الاقتصادية التي شهدتها الامريكية كانت هذا العام هي التي نجمت عن انفجار المنصة النفطية التابعة لشركة "بي بي"، والتي لا تزال الدعاوى للتعويض المادي عنها مستمرة. وتغير المشهد السياسي بالولايات المتحدة بسبب الاقتصاد. واقترب العجز في الموازنة الأمريكية من رقم قياسي بلغ 1.29 تريليون دولار في العام المالي 2010 . وكانت هذه قضية محورية في انتخابات التجديد النصفي، حيث ثارت مخاوف شعبية كبيرة بشأن الدين العام. ودعا الرئيس باراك أوباما الى إصلاح قانون الضرائب في عام 2011 الذي يوسع قاعدة الضرائب ويخفض معدلات ضرائب الشركات. ومن شأن تعكر صفو العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تحريك أسعار السندات والعملات والأسهم والسلع على مستوى العالم. وبكين هي اكبر حامل لأذون الخزانة الأمريكية بقيمة نحو 900 مليار دولار. وخشي البعض في واشنطن طويلا من أن الصين قد تبيع أذون الخزانة الامريكية بسبب خلاف سياسي وليكن بشأن تايوان مما سيؤدي الى انخفاض الأسعار. لكن هذا سيضر بالصين أيضا ويعتبر أمرا غير مرجح. وأي محاولة لإحياء مشروع قانون في مجلس الشيوخ لمعاقبة بكين على عدم رفع قيمة اليوان ستمثل مسألة مهمة للصرف الأجنبي والسندات. واكثر الشركات الأمريكية استفادة من اكتساب اليوان قوة ستكون "كاتربيلر" و"الكوا" و"جنرال الكتريك" لكنها معرضة للخسارة ايضا من اي خلاف تجاري مع بكين. وقد يحفز رفع قيمة اليوان الطلب الصيني على السلع لكن هذا ربما يعوضه انخفاض المنافسة على التصدير. الصين الصين منقذ محتمل لأوروبا وتبدو الصين، التي تعد اكبر دولة دائنة للولايات المتحدة، منقذا محتملا لاخراج اوروبا من ازمة الديون السيادية بفضل الاحتياطي الهائل الذي تملكه من العملة الاجنبية. ووعدت الصين بمساعدة اليونان والبرتغال عبر شراء سندات خزينة منهما في قرار يمكن ان يخفف الصعوبات التي تواجهها منطقة اليورو ويمنح بكين بعض النفوذ. ويخدم الدفاع عن اليورو مصلحة الصين للتأكد من ان الاتحاد الاوروبي شريكها التجاري الاول سيواصل شراء منتجاتها ولتنويع احتياطيها من العملة الصعبة الاكبر في العالم والتي تشهد زيادة مستمرة. وبلغ احتياطي الصين من القطع الاكبر في العالم، 2684 مليار دولار في نهاية ايلول/سبتمبر، حسبما تفيد آخر الارقام الرسمية. وبهذه الاموال اشترت الصين في نهاية اكتوبر/ تشرين الاول سندات خزينة امريكية بقيمة 907 مليارات دولار، عائداتها ضعيفة جدا. وكان خلافات بين بكين والشركات متعددة الجنسيات بعد النزاع بين جوجل وبكين بشأن محرك البحث التابع لعملاق الإنترنت عام 2010. وانتهى هذا الخلاف، لكن شركات مثل "جنرال الكتريك" و"سيمنس" اشتكت ايضا من المناخ الاستثماري القاسي في الصين. وتوقعت بكين ان تتجاوز استثماراتها للعام 2010 في الخارج 50 مليار دولار (38,1 مليار يورو) بزيادة نسبتها 15%، في مشاريع في مجال الطاقة والمناجم والزراعة. وتريد بكين ايضا ان تنفق شركاتها مزيداً من الاموال في الخارج للحد من التوترات الاقتصادية مع ابرز شركائها. وتريد الصين كذلك التخفيف من ضعف الاستثمارات في البلاد. واحتلت الصين المرتبة الخامسة عالميا في مجال استثماراتها في الخارج في 2009. وبالنسبة الى 2011، سترتفع هذه الاستثمارات في الخارج بنسبة 11%. الخليج الدول العربية تجاوزت الازمة الاقتصادية، وان كان سوق العقارات ما زال متضرراً وثبتت منطقة الخليج خلال العام 2010 مسارها الاقتصادي الايجابي مع عودة أسعار الخام الى مستويات مرتفعة وفي ظل توقعات بنمو متين، وان كان سوق العقارات ما زال متضرراً، ولاسيما في الامارات العربية. واسعار الخام التي تدور حاليا حول مستوى 90 دولار، تعد اذا ما استمرت بتكديس الفوائض في موازنات دول مجلس التعاون الخليجي، اي السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين، التي تملك مجتمعة 45% من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم اضافة الى خمس احتيطات الغاز. قد يكون الانتعاش ماض في مساره، لكن قد لا يكون مستبعداً استبعاد حدوث تقلبات في هذه المرحلة التي لم يترسخ فيها الانتعاش حول العالم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل