بدون ترددالوطن.. والشباب .. والشرعية
لا يحتاج الأمر الي كثير من الجهد كي ندرك جميعا دقة وحساسية، بل وخطورة المرحلة الحالية التي نعيشها الآن، والتي تقف فيها مصر عند مفترق الطرق، في لحظة حاسمة وفارقة من تاريخها، عليها أن تختار فيها مسارها، وتحدد فيها مصيرها ما بين النهوض والتقدم الي الامام، كي تسير علي طريق بناء الدولة المدنية الحديثة، أو النكوص علي أعقابها، في طريق الفوضي والدمار، الذي يصل بها حتما إلي هاوية التخلف، والارتداد الي عصور الجاهلية، والارتماء في غياهب المجهول.ولا يحتاج الأمر الي كثير من العناء كي ندرك، أن سلامة الوطن، واستقراره، والالتزام بالدستور، والقانون، وسيادة العدالة هي الوسيلة الوحيدة للانطلاق الآمن للمستقبل وضمان الحرية الكاملة للمواطنين في وطن ديمقراطي يتساوي فيه الكل، دون تفرقة أو تمييز ويعيشون فيه تحت مظلة من العدل الاجتماعي تقوم في جوهرها علي ضمان جميع حقوق الانسان.وأحسب انه لا مبالغة علي الاطلاق، في القول بأن المشهد الجاري امام اعيننا الآن، ومنذ أيام، رغم كل الإيجابيات التي لا يمكن ان يغفلها أحد ممن يتمنون لمصر الخير، والسلام لشعبها،..،إلا أنه يحمل في طياته في ذات الوقت الكثير من المخاطر المحدقة بهذا الوطن، والمهددة لاستقراره، وأمنه وأمانه، إذا ما فشلنا -»لا سمح الله« - تحت أي ظرف من الظروف في التعامل الصحيح معه، وخرج عن سيطرة العقل والحكمة تحت ضغط الاحتقان والتوتر، واندفع بنا جميعا الي مزالق الفوضي غير المحسوبة، التي يحاول البعض الدفع بنا اليها بجميع الوسائل، وكل السبل.< < <وحتي نقطع الطريق علي كل من يحاول الصيد في الماء العكر، بسوء الفهم، أو سوء القصد، او فساد الطوية، نقول بوضوح، ودون تردد، ان الايجابيات التي نقصدها في المشهد الحالي بمصر، تأتي في المقدمة منها، وعلي رأسها، تلك الانتفاضة الايجابية، للشباب المصري، وما نتج عنها من تحرك جمعي للشباب في الخامس والعشرين من يناير الماضي ، مطالبين بعدة مطالب مشروعة، نراها جميعا حقا لازما، وواجبا يستحق الوفاء به، من جانب الدولة، وجميع السلطات المسئولة بها، بوصفها مطالب الشعب كله، وليست مطالب الشباب فقط،...، ولكن الشباب هو الذي أيقظ الجميع عليها ونبه الكل لها، وأعلن النضال لتحقيقها.وقد أعلنا من قبل، ونكرر الآن، بكل قوة ووضوح، ودون ادني تردد، بأننا نقف جميعا مع مطالب الشباب المشروعة التي هي في حقيقتها وجوهرها تعبير حر وأمين عن مطالب كل الشعب، في توفير المزيد من فرص العمل للشباب، والقضاء علي البطالة، ومحاربة الفقر، والحد من الغلاء، والمواجهة الحاسمة والسريعة للفساد،...، ونقول ان ذلك ضرورة وحق، ونحن جميعا نطالب به، وكلنا نقف مع الشباب المصري الشريف في مطالبته بذلك.ونؤكد في ذات الوقت تأييدنا للمطالبة بمزيد من الحرية، والديمقراطية، وتوسيع دائرة العدالة الاجتماعية، وفتح كل الأبواب والمنافذ أمام الشباب والاستماع الي وجهة نظرهم، والاخذ بها، وتوفير جميع الفرص أمامهم للمشاركة في الشأن العام، والانطلاق بأقصي سرعة عبر طريق الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل والعادل.ونحن بكل تأكيد نقف معهم، ونتبني جميع المطالب الخاصة بتعديل الدستور، سواء في المادة 76 التي تحدد شروط الترشح لرئاسة الجمهورية،أو المادة 77 التي تحدد مدة تولي رئيس الجمهورية للرئاسة بمدتين أو فترتين فقط، وكذلك المادة 88 أو أي مادة أخري يري الشعب المصري، والقوي السياسية المصرية ضرورة تعديلها، وما يتطلب ذلك من تعديلات تشريعية.< < <وفي هذا الخصوص لابد أن نقول وبوضوح كامل، ان مصر كلها وقفت تؤيد الشباب في مطالبهم المشروعة، وان رأس الدولة الرئيس مبارك كان في مقدمة المؤيدين لهذه المطالب وقد أكد ذلك وأعلنه في خطابه للشعب، وفي تكليفه المحدد والواضح لنائب الرئيس عمر سليمان بالبدء في إجراء حوار فوري شامل مع جميع القوي السياسية في مصر، وفي مقدمتهم الشباب، حول جميع القضايا المثارة والمتصلة بالاصلاح الدستوري والتشريعي،...، وهو ما حدث بالفعل، ويجري الآن.كما تم أيضا وفي ذات الوقت اتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لاحترام وتنفيذ قرارات محكمة النقض الخاصة بالطعون الانتخابية، بما يكفل اتخاذ الاجراءات الدستورية والتشريعية لاعادة الانتخابات بدوائر الطعون خلال الاسابيع القادمة.كل ذلك يؤكد ان لدينا توافقا عاما من جانب الشعب وجميع السلطات في الدولة لدعم جميع المطالب المشروعة للشباب، وهي مطالبنا جميعا، بما يؤكد استحقاق جميع الشباب للتقدير والدعم، وبما يضمن في ذات الوقت ان نصل جميعا بسفينة الوطن الي المرسي الآمن والمستقر بما يحقق السلامة والاستقرار لمصر.< < <واذا كانت تلك هي الايجابيات التي نراها في المشهد الجاري أمامنا في مصر، فماذا عن المخاطر المحدقة بهذا الوطن، والمهددة لاستقراره وأمنه وأمانه؟!في ذلك نقول وبوضوح كامل ان الطريق الآمن والصحيح للخروج بمصر من الأزمة الحالية هو الحوار البناء والايجابي، بين الدولة وجميع الأطراف الرئيسية المشاركة في هذا المشهد، وهم جموع الشباب المتواجدين في ميدان التحرير بكل طوائفهم، وتنوعاتهم وكل ألوان الطيف التي تضمهم، وكذلك جميع القوي السياسية علي خريطة الوطن، والتي تضم الأحزاب الشرعية المعلنة والمعروفة، وأيضا جماعة الاخوان المسلمين بوصفها قوة لها تواجد في الشارع السياسي المصري، ولها تدخل فيما هو قائم في ميدان التحرير حاليا من تظاهر وتجمع استعصي علي محاولات الفض حتي الان.والمتابع لما جري ولا يزال يجري في ميدان التحرير منذ الخامس والعشرين من يناير الماضي، وحتي اليوم، يجد ان هناك اصرارا واضحا من جانب بعض مجموعات الشباب المتواجدة هناك، ومن جانب من انضم اليهم والمتواجد بينهم من القوي السياسية، وبعض المجموعات الاخري غير المحددة الهوية، سواء من المؤيدين لانتفاضة الشباب أو أصحاب التوجهات والأجندات الخاصة علي الاستمرار في التواجد بالميدان، وعدم فض اعتصامهم به وتظاهرهم فيه ليل نهار، بغض النظر عن أي وجهة نظر، أو أي رأي يخالف لذلك.< < <ورغم إعلان الدولة عن بدء الحوار الوطني الشامل، واعلان نائب الرئيس عن استعداده الكامل للحوار مع الشباب، وجميع القوي السياسية،...، وبالرغم من بدء الحوار بالفعل، والاعلان عن الترحيب الفوري بمطالب الشباب، باعتبارها حقوقا مشروعة، والاستجابة السريعة لأغلب هذه المطالب، والبدء في وضعها موضع التنفيذ،...، إلا أن هناك تصميما من جانب الجموع المتواجدة في ميدان التحرير علي الاستمرار في التواجد وعدم المبارحة.ليس هذا فقط، بل رأينا وشاهدنا وتابعنا طوال الاسبوعين الماضيين، تأكيدا وترديدا متواصلا من جماعات الشباب المتواجدة علي أرض الميدان، انهم يرفضون الحوار قبل الاستجابة لكل المطالب،...، والتي من بينها، أو علي رأسها المطالبة برحيل الرئيس مبارك، بما يتعذر القبول به علي الاطلاق،...، بل وهو ما لا يقبله غالبية، بل وجموع الشعب المصري، الذي يرفض بوضوح شديد وبصفة قاطعة إهانة رأس الدولة المصرية، خاصة وهو حسني مبارك الذي قدم روحه فداء لوطنه، ودفاعا عن كل حبة رمل من أرض مصر، وهو ما يستوجب كل التقدير والاحترام له كأبن من أبناء مصر، ومثال مشرف للعسكرية المصرية.ويحدث ذلك في الوقت الذي أعلن الرئيس انه لن يرشح نفسه فترة رئاسية قادمة، وان كل ما يهمه ويسعي اليه الآن هو ضمان أمن واستقرار مصر، وضمان انتقال سلس وآمن للسلطة في إطار الشرعية، والتمسك بالدستور، حفاظا علي كبرياء مصر، وقيمتها ووزنها بين جميع الدول، وأيضا حتي لا تتعرض لمحنة الفراغ الدستوري، أو السقوط في هاوية الفوضي، وتصبح في مهب الريح، ولقمة سائغة لكل من يريد السيطرة عليها والتحكم فيها ودفعها للخراب والضياع.< < <وأحسب ان الوقت قد حان الآن، كي نقول لاخوتنا من الشباب القابع في ميدان التحرير، اننا نؤيد كل مطالبكم المشروعة، وهي مطالبنا ومطالب كل الشعب،..، وان الدولة وكل مؤسساتها تتبني هذه المطالب، وتمت بالفعل الخطوات التنفيذية لذلك،...، وها هي لجنة تعديل الدستور قد بدأت عملها، وأيضا لجنة تقصي الحقائق في جميع ما جري وكل ما حدث من جرائم ارتكبت في حق مصر، وأبنائها الشباب منذ ليلة الخامس والعشرين من يناير وحتي الآن،...، وان هناك التزاما مؤكدا بمحاسبة كل من خطط أو نفذ أو شارك في تنفيذ هذه الجرائم.ونقول لهم ان مصر لن تصمت أبدا، ولن تغفر أبدا لأي من الذين استباحوا دم أبنائها وشبابها، ولن تتسامح علي الاطلاق مع أي فرد مهما كان شأنه، تسبب في مقتل أو اصابة مواطن مصري، وان دم شهدائنا من الشباب لن يضيعه أحد علي الاطلاق،...، كما انه لا تسامح أو اهمال في العقاب الرادع لكل من تسبب في حالة الفوضي، وغيبة الأمن، ومهاجمة والاعتداء علي مراكز الشرطة، وحرقها وتدميرها، وكذلك مهاجمة السجون واخراج المسجونين، وترويع المواطنين، ونشر حالة من الفزع والخوف لدي الجميع.ونقول لهم في ذات الوقت، ان مصر تحتاج اليكم الآن للوقوف بجانبها، والخروج بها من الأزمة المستحكمة الآن، وان الواجب الوطني، والانتماء الطبيعي لمصر، يفرض علينا جميعا التمسك بكل قوة واصرار بسلامة وأمن وأمان الوطن، والوقوف صفا واحدا متماسكا وصلبا في مواجهة كل ما يهدد هذا الوطن، وكل ما يهدد استقراره، أو يسعي لاشاعة الفوضي في أرجائه.< < <ونؤكد لهم بوضوح إننا معكم، في كل المطالب المشروعة، ولكننا وانتم يجب أن نكون يدا واحدة لتجنيب مصر الأخطار المحدقة بها من كل جانب، وانه قد آن الأوان لانهاء حالة الاحتقان القائمة الآن في ميدان التحرير عن طريق الحوار ودون شروط تمس كرامة الوطن ورموزه.وأن نضع نصب أعيننا جميعا ان هدفنا واحد الآن، وهو الحفاظ علي مصر والسير بها علي طريق السلامة والاستقرار والنأي بها عن طريق الفوضي والخراب.
Comments