المحتوى الرئيسى

سلام عليك أرض السلام

02/09 08:45

لم يستعر الشوق فى روحى لمصر كما اليوم.. ولم أحتج أحضانها تحتوينى طفلة تفرّ من كوابيس الوحشة والبعد كما اليوم.. ولم أهف لعناقها والتوحد بها إلى ما فوق العشق كما اليوم.. ولم تعترنى الحيرة، ويعرف قلمى الحذر وتتضوّر مشاعرى وجعا يكاد ينقضّ على فرحتى بعرس هذه الكوكبة المشعّة نورا وأريجا كورود تفتّحت إرادة فى بستان الصبر كما اليوم!! فالأحداث تتصاعد والرؤى تنقسم إلى (مع أو ضدّ) ولا وسط بينهما. فهنا صوت تكسوه خبرة الأعوام حكمة ينصح بالتقاط الأنفاس واستقراء الغد على ضوء ما يستجد من متغيرات بالإيجاب. واحتمال بضعة شهور لا تعد سوى لحظات من عقود الصبر، وهناك صوت يتأجج بركانا تذيب حممه كتل جليد تراكمت على سفوح الكرامة، تتساقط شظاياها غضبا فى فجوة واسعة بين راع ورعية. توقظ جيل الخنوع من غفوة اليأس. ليتحقق الحلم الذى تغنيت به حتى تسيّدنى وتسيّدته، بشارة أمل على جبين فارس تجسد فى ملايين يتقدمهم فتيان تونس ومصر، رافعين مشاعل الإرادة تضىء زوايا العتمة.. فرسان الحاضر والغد ومن صاروا قدوة لجيلنا المصاب بخرس الخضوع. شجاعة قفزت بخيول العزيمة فوق حواجز المستحيل، ليخسرالرهان صنّاع السياسات وتتبعثر أيديولوجياتهم واستراتيجياتهم فوق موائد الذهول، حين احتلت الحقيقة المضمخة بدماء الشهادة فضائيات العالم. وتصدرت ثورة النهضة المواكبة للعصر الأحداث. لتعاد حسابات وتتغير صياغة خطاب سياسى دولى. بما يتناسب مع تداعيات ثورة القرن البيضاء، التى لم تولد من حزب أو عقيدة أو طائفة. مما جعل معظم المتابعين يشفقون بسخرية على من هرول حاملا أجندة الأهواء فى يد.. وعرضا للتبنى فى اليد الأخرى، جاهلا أنها ثورة شرعية مولودة من رحم الوطن وروح الإيمان.. وجاهل أيضا بسيكولوجية أبناء مصر الحقيقيين وتكاتفهم وقت الجد، حين يحدق الخطر بالوطن، وترصّ الأجساد كالبنيان، لا فرق بين مسلم ومسيحى، ولا غنىّ وفقير. ولا منفذ لسهام متربصين أو ثعابين فتنة، ولا مكان لحاقد يحاول تهميش الحدث وإجهاض الثورة بما يخدم الأهداف الملتوية والمصالح الخاصة. ومثلما تأخذنى الشفقة على من يجهل شخصية مصر، تأخذنى الدهشة من ذلك الذى يزعجه الحديث عن شبهة أىّ خطاب مبطّن بالتدخل والحلول التى يضعها غير المعنيين بشأن مصر الداخلى، والمتشدقين بالخوف عليها من الغد.. لتتصاعد دهشتى حين يصل الانفعال ذروته كلما دار الحديث عن أجندات خارجية تتربص بالثورة؟. وكأن ثورة الشباب وما قامت عليه من وعى وثقافة لن تستمر إلا بمساندة محللين ومنظّرين ممن فشلوا فى وضع حلول ناجعة لمشاكلهم. ليتهم يتركون مصر للمصريين، الذين هم أدرى بشعابها.. وأنّ على الغريب أن يكون أديباً وأن يعلم جيدا أن مصر ليست «عراق» يعج بالطوائف وزمر الحقد والثأر المقبلة من شرق وغرب. وليست «أفغانستان».. لا.. ولا أى بقعة على الأرض، فهى التى شرفها الله بالذكر مجللة بالأمان فى كتابه الكريم. وليعلم من لا يعلم أيضا أنّ صوت الثورة لا يحتاج إلى أبواق مصطنعة، فأصداؤه اخترقت المسافات، والشرارة حملتها رياح التغيير ليس للعالم العربى فحسب بل أوروبا الشرقية وصولا إلى الصين.. وقد دقّ ناقوسها عاليا يوقظ ضمائرنا من سبات لتبتهل إلى الله أن يحفظ مصر وشعبها وثورة النقاء من تلوّث الشائعات والتحليلات المغرضة والمندسين، ويجعل بينها وبين من يريد بها وبشعبها السوء سدّا من نور عظمته.. ليعمّ السلام أرض السلام.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل