المحتوى الرئيسى

أنا إن قدر الاله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي؟؟ بقلم:محمد سليمان طبش

02/09 00:13

أنا إن قدر الاله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي؟؟ بعد هذا الزلزال المفاجئ والسريع الذي أدى إلى انهيار النظام السياسي التونسي , الذي تتواصل تداعياته وهزاته الارتدادية ومظاهره المتعددة حتى اللحظة عبر هذا الفراغ والفوضى والفلتان على كافة الصعد وحدوث خسائر هائلة جراء انهيار معظم مرافق وقطاعات الاقتصاد التونسي الذي كان يشار إليه كأفضل الاقتصاديات الإفريقية من حيث النجاحات التي حققها ....بعد هذا الذي حدث مباشرة تكهن الكثير من المراقبين والمحللين إلى هذا الذي حدث في تونس كونه يشكل نموذج يحتذي سيؤدي إلى إشاعة العدوى في المحيط العربي ورشح البعض اليمن والجزائر لتشكل الحلقات اللاحقة في إطار هذا المسلسل الذي يبدو أن حلقاته لن تنتهي قريبا ولم يخطر على ذهن الكثير من المحللين والمتابعين السياسيين أن مصر ، أم الدنيا ، ستكون هي الحلقة الثانية التي ستتأثر بعدوى النموذج التونسي وهذا من منظور أن مصر بتجربتها السياسية والديمقراطية – التي تعود إلى ما قبل ثورة يوليو 52 – وبمؤسساتها المتعددة وتاريخها الحضاري والوطني لا يحتاج إلى براهين .. مصر الدولة الأعظم والأكبر والأكثر إستراتجية وذات النفوذ الإقليمي الأول .. أن مصر بهذه المواصفات والمميزات الخاصة هي ليست تونس وهي ليست مجرد دولة هامشية ستكون معرضة لمثل هذا الذي حدث ولا تزال تفاعلاته متواصلة لم تكتمل بعد .... هذا الذي حدث والذي الحق أضرارا بسمعة وهيبة وتاريخ مصر العظيم . ثمة استفهامات سريعة وملحة تتبادر إلى الذهن في هذا الإطار : • هل حقا أن هذا الذي يحدث في مصر الآن تقف خلفه حقيقة عدم قدرة واستعداد النظام السياسي المصري على استيعاب متطلبات وحقائق تطورات الحياة السياسية المعاصرة ؟؟ • وهل حقا أن الحكم المطلق – سيطرة الحزب الواحد الحاكم على كل مقاليد الحياة السياسية – وعدم إشاعة الديمقراطية هي التي تقف خلف هذا الطوفان ؟؟ • أم أن هناك عوامل أخرى تقف خلف هذا الذي يحدث وان هناك ثمة أيادي خفية تمثل قوى إقليمية لها مصلحة في ضرب استقرار مصر والاستحواذ على دورها الإقليمي ودفعها إلى الانكفاء نحو الداخل في إطار هذه الظروف الغير مسبوقة التي تمر بها المنطقة ؟؟ على أية حال اظهر النظام السياسي المصري - بعد تجاوزه لمفاعيل الصدمة والمفاجأة – مقدرة أربكت الكثير من الذين لا يكنون الخير لمصر والذين كانوا يعتقدون أن مصر قد انهارت و دخلت في سياق الفوضى والانفلات والتخريب والتدمير وان لا مخرج . لقد تعامل النظام السياسي بسرعة مع متطلبات التغيير التي فرضتها وقائع الوضع الجديد وهذا من خلال : أولا: إقدام الرئيس مبارك على تعيين نائبا له ممثلا برئيس المخابرات العامة,عمر سليمان ومنحه الكثير من الصلاحيات التي توفر له حرية الحركة والمقدرة على ممارسة الحوار مع كافة القوى والفصائل السياسية والكفاءات الوطنية وممثلي الشباب ودونما إقصاء لأحد . ثانيا : تكليف رئيس مجلس الشعب بالاستعداد لإجراء تعديل بعض المواد الدستورية التي تتيح مشاركة ديمقراطية أوسع للطاقات السياسية الوطنية وبخاصة ما يتعلق بالمادتين 76 و 77 من الدستور وكذا الاستعداد للنظر في تعديل مواد دستورية أخرى تفرضها متطلبات الحوار مع القوى السياسية . ثالثا : مطالبة رئيس محكمة النقض العليا بالاستعداد للنظر في كل دعاوي الطعون التي رفعت للمحكمة سابقا حول الانتهاكات والتجاوزات التي واكبت الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي تطال ما يقارب ثلث مقاعد البرلمان . رابعا : استعداد وتعهد الرئيس بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة – بعد انتهاء مدة ولايته الحالية والتي تنتهي في مطلع سبتمبر أيلول القادم – وكذا استقالة نجله جمال مبارك من الأمانة العامة للحزب الوطني وهو الأمر الذي أنهى جدلا استمر طويلا حول توريث السلطة في مصر . لا نريد الاستطراد في تسجيل جملة التنازلات التي أقدم عليها النظام السياسي بهدف استيعاب تفاعلات الأزمة وتفويت الفرصة على كل من يستهدف دفع مصر لدخول دائرة المجهول حيث الفوضى والانفلات والانهيار .... لقد تفاوتت ردود فعل القوى السياسية ، الفصائل ، الفعاليات الوطنية وممثلي الشباب التي شاركت في الحوار مع نائب الرئيس على هذه المستجدات بين القبول والتحفظ والرفض إلا أن موافقة هذه القوى السياسية على الجلوس على طاولة الحوار ومشاركتها في الجدل حول رسم مستقبل الحياة السياسية المصرية اللاحقة يشكل خطوة كبيرة إلى الإمام .... خطوة على طريق تجاوز المأزق الراهن . ظهر من خلال ردود الفعل على المستجدات ( التنازلات ) التي أقدم عليها النظام السياسي لتجاوز الموقف الراهن ، موقف الجمعية الوطنية للتغيير التي يرأسها هذا القادم من عواصم الغرب ، الذي عاش معظم حياته بعيدا عن مصر ولم يتعايش تماما مع هموم ومشاكل ومتاعب شباب مصر .. محمد البرادعي الذي منحه الغرب جائزة نوبل للسلام تقديرا لخدماته ومواقفه في التآمر على القدرات النووية العراقية وكذا تقديرا لجهوده في حماية القدرات النووية الإسرائيلية التي بقيت بعيدا عن دائرة الرقابة الدولية .... من المفارقات الغريبة أن البرادعي ومن نجح في التأثير عليهم من بعض الشباب في إطار الجمعية الوطنية للتغيير والذين يرابطون في ميدان التحرير هو من يطالب برحيل الرئيس كخطوة أولى قبل إجراء أي حوار في هذا الاتجاه ؟! أمر في غاية الغرابة ، البرادعي الذي جاء على عجل إلى مصر بعد غياب طويل ليمتطي موجة الانتفاضة هو من يطالب برحيل الرجل الذي أذهل الجنرالات الإسرائيليين في حرب أكتوبر من خلال نجاحه بالضربة الجوية التي شلت فعالية الطيران الإسرائيلي – على غير العادة – وسمحت للقوات البرية المصرية من تدمير خط بارليف الذي يمثل اكبر خط للتحصينات الدفاعية بعد خط تحصينات ماجينو الذي تم تدميره على يد القوات النازية في الحرب العالمية الثانية .... ألا يبدو غريبا ذلك ؟ نقول ذلك من قبيل الأمانة والوفاء للرجال الذين صنعوا الانتصارات لهذه الأمة وان كانوا قد اخطأوا هنا وهناك تحت طائلة الضغوط والتعقيدات الخاصة بتطورات الحياة السياسية والاقتصادية في مصر . ما يتعلق بإشكالية المطلب الخاص برحيل الرئيس قبل بدء الحوار – كما تطالب بذلك جمعية البرادعي وبعض مجموعات الشباب المحتجين في ميدان التحرير يمكن القول أن هذا مطلب بالإضافة إلى كونه يفتقر إلى الوفاء والتقدير نحو الرجال الذين أسهموا في بناء مصر وافنوا سنوات عمرهم في خدمة الوطن فهو مطلب غير منطقي وغير قانوني لان وجود الرئيس في إطار المرحلة الانتقالية ( سبعة أشهر ) هو ضرورة قانونية لتمرير الإصلاحات الدستورية والسياسية لحماية مصر من أي فراغ دستوري أو سياسي يدفع البلاد نحو الانفلات والفوضى وهذا ما يسعى له كل الشامتين – الذين تستضيفهم قناة الجزيرة قناة الفتنة والانفلات – والذين لا يروق لهم رؤية مصر عزيزة ، قوية ، شامخة شموخ أهرامات الجيزة . إن هذا الذي يحدث في مصر من عدم الاستقرار والتدمير المتواصل لمقومات الاقتصاد المصري يصب في مصلحة قوى إقليمية متربصة بأم الدنيا وتسعى إلى سرقة دورها الإقليمي والحضاري الحاضن الأمن لقضايا الأمة وانشغالاتها الوطنية ... إن هذا الذي يحدث في مصر لا يستهدف فقط الإطاحة بالرئيس كما يتصور البعض بل يستهدف تفكيك وتدمير مصر عبر إدخالها في دائرة الفوضى والتدمير الذاتي وتدمير مقومات الدولة .. من مصلحة مصر ومن مصلحة المحيط العربي بكامله أن تعود مصر وتنهض بسرعة – عبر آلية الحوار الجاري الآن والذي يؤدي إلى انسياب وسلاسة الحركة السياسية و الدستورية المصرية بعيدا عن أي مواقف متطرفة ، متشنجة لا تقود إلا إلى إطالة أمد الأزمة – أن تنهض مصر لمواصلة دورها الإقليمي الرائد في الذود عن مصالح وهموم المحيط العربي وبخاصة القضية الفلسطينية التي لا نبالغ أن قلنا أنها قد تأثرت كثيرا من هذا الذي يجري في مصر اليوم ولقد رأينا كيف جاء بيان الرباعية الدولية الأخير حول المسالة الفلسطينية ليشكل تراجعا واضحا وخطوة إلى الوراء . كل الوطنيين الشرفاء وكل المحبين لمصر على صعيد هذا المحيط يشعرون بالحزن والألم العميقين لتداعيات المأزق الراهن في مصر ويتطلعون مثلي لعودة الأمن والاستقرار والانضباط والهدوء والحياة الطبيعية لكل مناحي الحياة في مصر البهية بأسرع ما يمكن .. سلام على مصر المحروسة .. سلام على مصر بحضارتها العريقة ونيلها الخالد وتراثها العظيم وأهراماتها الشامخة وارجع الله كيد المتربصين بها إلى نحورهم ..حفظ الله مصر درة الشرق وسر بقائه الخالد كما تغنى شاعر النيل حافظ إبراهيم قائلا : أنا إن قدر الاله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي الكاتب والمحلل السياسي / محمد سليمان طبش

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل