المحتوى الرئيسى

المعرفة و الإبداع في زمن ضاع في الإبداع بقلم:ولاء تمراز

02/07 17:48

صحيحٌ أنَّ لكلّ زمنٍ رجال و مبدعينَ ، و يُخطئُ مَنْ يعتقدُ بأنّ الإمكانات التي توفَّرُ للواحد منّا كما هي حالُنا اليومَ ستجعل منه روائيًّا أو كاتبا أو فنّانا أيــًّا كانت درجةُ إبداعه وعبقريّته العلمية .ولو نقلّبُ صفحاتِ تاريخنا الأدبيّ القريب لوجدنا أنّ الكتُبَ النّادرةَ والدّواوينَ والموسوعاتِ ، التي كانت تكتنفها الجودةُ و يُضيِّقُ أنفاسَها الجوُّ العامُّ لمعظم البلدان العربيّة آنذاك – استعمار/ فقر / اقتصاد متدهور / فضلا عن قلّة المراجع - مقارنةً بتكنولوجيا اليوم لمْ تكنْ همًّا و مطلبًا للأسف الشديد ، وسعيًا ما يجعل من أسباب التّحصيل ( تثقّف / تفقّه ) عواملَ صعبٌ إدراكُها؛ أو لنقلْ بحكم تلك الأسباب السّابقة مبحثُ أولي النّعمة من الكتّاب و الأدباء, فما كان بين يدي الأمير الشّاعر أحمد شوقي لم يكنْ بمقدور شاعر النّيل حافظ إبراهيم.و لأوَجّهَ الكاشفَ إلى زاوية المعرفة ، التي كان يركن إليها هم ، و مقدار و كميّة الإبداع التي صدرتْ عنهم ؛ و لا أريدُ أن أقلّلَ من شأن الزّاوية نفسها لدينا نحن اليوم، و قد يكونُ الفارقُ بينهما شاسعا أو ضئيلاً ، ليس بمبحث همّي في هذه السّطور ، إنما مقدارُ العطاء و قمّةُ التّعاطي و صدقُهما مع ما كان داخلا في نطاق المخزونِ المعرفيِّ لديهم ؛ و لا أجدُ ما يُفسّرُ هذا الفارقَ غيرُ ما تداعى – في زمن الرّدّةِ الثّقافيّة اليومَ – من تجاريّةٍ لا مقوّمَ لنهمها و لا ضابطَ ، لا تريدُ أنْ تُفرّقَ بين الأهمّ من المهمّ ، قبلَ أنْ تسوق إلى مَظانّنا الجمالَ من القبح . ففي زمنٍ غيرِ بعيدٍ كان التّكالبُ على حرفِ أحدِهم لا تفقَه حسَّه هذه التجاريّةُ العرجاءُ ، و إنْ تسلّلتْ إلى سُوقِها سلعةٌ ، تعترفُ بعدم جودتِها ، و لكنّها تُؤمنُ بنزاهةِ الطّلب و حُسنِ العرض. اَعترفُ بأنني أكتبُ بحزنٍ وبعد اطلاعي على كتب اشتريتها من الرفيق والأستاذ طلعت ألصفدي أبو جمال عن أملٍ أتعشّقُ نيلَ مناه ! و تُعجزني ردّةٌ تُوقّرُ الجميلَ ، و تحفظه بصناديقَ زجاجيّةٍ لمّاعةٍ بمتحفٍ نزورُهُ كلّما ساقنا الحنينُ إليه.و اَعترف بأنهم كانوا يكتبون بأملٍ عن آلامهم المشْرقةِ ، بنور مشاربِهم و طُهرِ رؤاهُم ، و قد أسّسوا لكلّ هذا بعد عناءٍ و جهدٍ و عملٍ و حبٍّ ، و كانوا على أملِ أن نحفظَ العهدَ و نـمدَّ في أجلِه. يخفق أنينُ مُوجعاتِ القلبِ و تطفو مُهمّاتُ الفكر شيئا فشيئا ، و تسكنُ الجوارحُ إلى طمأنينةٍ ،كلّما علِقتْ بحلّ إحداها ، و لكنَّ النّبضَ المتشرّبَ بالحزن ،الـمُتمنّعَ عن السَّفاسِفِ يجدُ ضالّتَه في تلك الثّورة ، رغمَ ما تسوق من دمـَارٍ أو خرابٍ ، معتقدا بحلول زهرٍ جديدٍ ، مُتولّدٍ عن رمادٍ كثيب ! إنّهُ حُلُمٌ واحدٌ ، و ألمٌ واحدٌ ، و آمالٌ مختلفةٌ..تتداعى كلُّها بنبض القلم .. المستفردِ بأنينِه ؛ المستوحش بحنينه المعتادِ إليهم ، مؤمنًا بنبوءة الأقلام و خلافة الحرف ، معتقدا بنزول الوحي السّاحرِ ذاتِه على رؤوس تلكَ السّطور ولكنْ بحُلّةٍ قُدُسيّةٍ مغايرةٍ ، ظانًّا ( بعبثيّةِ ألبير كامو و فيكتور إيغو و بعبقريّة العقّاد و رؤى المنفلوطي و نرجسيّة نزار و شبح السّيّاب و ثورة مطر و حزن الشّابي و فلسفة جبران و عشق السّمّان و رقّة مَيْ !..) و لا غروَ أنّ ما تدثّرتْ به آفاقُهم سوى ما تداعى إلينا بعضُ ألقِه و قلقِه و شبقِه ! أؤمنُ بخلافةِ الحرف و أكفرُ برئاسةِ الأقلام ..و قد تستطيع إقامةَ حكمٍ لحرفٍ و لا يكون لقلمه أيُّ صولجانٍ و هيبة ٍ، يُثنيان عليه كبرياءَه و يُشيدان بعنفوانه ؛ و قد يحكمُ حرفٌ قبلَ و بعد مماتِ قلمِه ، على فقرِ حالِه ، و قد وهبَ الدّنيا غنًى لا يُوصف. إنّ ما يتداعى إلى نُهانا دونَ إذنٍ منّا ، هو نفسُهُ ما تملّك الذينَ قبلَنا دون إذنٍ منهم أيضا.و القيمةُ التي نرجوها من هذه الزّيارةِ أنّ ما تسلّلَ إلينا كم سيكونُ ثمنُه في حياتنا قبل مماتنا ؟ و نحنُ ندركُ أنّ ما يُوجعُ ظهرَ حرفِنا اللحظةَ و لا يأبه بأنينِه أحدٌ ؛ هو جالبُ الحظّ السّعيدِ و العلاجِ الشّافي لما يوجعنا بعد لحظاتٍ ! و الشّاغلُ أنّك تقولُ كلمتَكَ وتنثرُها بين النّاس ، و تأملُ ما تأملُ ؛ و المصيرُ مجهولٌ و النتيجةُ محسومة... انتهى . سلامتكم ,, ولاء تمراز فلسطين –قطاع غزة [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل