صلاة الغائب وحكمها وفضلها وكيفية صلاتها

صلاة الغائب وحكمها وفضلها وكيفية صلاتها

صلاة الغائب هي كصلاة الجنازة ولكنها تصلى على من مات ببلد آخر، ولها نفس حكمها وهو أنها فرض كفاية،
وفرض الكفاية هو الذي طلبه الشارع من مجموع المكلفين، ولم يطلبه من كل واحد منهم،
فإن قام العدد الذي يكفي سقط عن الباقين، وإلا أثموا جميعاً.

وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب بعد واقعة موت النجاشي، ملك الحبشة وكان اسمه أحصمه،
وهو من سادات التابعين أسلم ولم يهاجر وهاجر المسلمون إليه إلى الحبشة مرتين، وهو يحسن إليهم،
وقد أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية بكتابين؛ الأول يدعوه فيه إلى الإسلام
والثاني يطلب منه تزويجه بأم حبيبة، فأخذ الكتاب ووضعه على عينيه وأسلم وتزوج
من أم حبية، وأسلم على يده عمرو بن العاص قبل أن يصحب النبي صلى الله عليه وسلم
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح مع سيدنا عمرو بن العاص، فيقول له صحابي كثير الحديث أسلم على يد تابعي.
والمقصود بالتابعي هنا النجاشي، وهو أول من صليت عليه صلاة الغائب.

حكم صلاة الغائب وأصلها في السنة

صلاة الغائب وحكمها وفضلها وكيفية صلاتها

  • إن الصلاة على الغائب، أي صلاة الجنازة على المسلم الذي مات في بلد آخر جائزة،
    فقد روى الشيخان (البخاري ومسلم)  صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة معه
    على النجاشي لما مات في الحبشة.
  • وقد جاء لنا حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- مؤكدًا تلك الوقعة فقد حدثنا عمران بن حصين
    قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أخاكم الناجشي قد مات فقوموا فصلوا عليه
    قال فقمنا فصففنا كما يصف على الميت وصلينا كما يصلي على الميت)
  • كما قال الخطابي رحمه الله: (إذا ماتَ المسلمُ ببلدٍ من البلدانِ وقد قُضي حقّه في الصلاة عليه، فإنه لا يُصلِّي عليه مَن كان ببلدٍ آخر غائباً عنه، فإن علم أنه لم يُصلَّ عليه لعائقٍ أو مانع عذر كانت السنة أن يُصلَّى عليه، ولا يترك ذلك لبعد المسافة، فإذا صلّوا عليه استقبلوا القبلة ولم يتوجَّهوا إلى بلد الميت إن كان في غير جهة القبلة) معالم السنن 1/310 – 311.
  • وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: (قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: الصَّوابُ أنَّ الغائبَ إن ماتَ ببلَدٍ لم يُصلَّ عليهِ فيهِ صُلِّيَ عليهِ صلاةَ الغائبِ، كمَا صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم على النجاشيِّ، لأنهُ ماتَ بينَ الكفارِ ولم يُصلَّ عليهِ.وإن صُلِّيَ عليهِ حيثُ ماتَ لم يُصلَّ عليهِ صلاةَ الغائبِ، لأنَّ الفرضَ قد سقطَ بصلاةِ المسلمينَ عليهِ.
  • وقال الشيح عبدالله بن سليمان المطرودي: (إن الغائب لا يُصلَّى عليه إلاَّ إذا مات في بلدٍ لم يُصلَّ عليه فيه، فيُصلَّى عليه صلاة الغائب، وهذا قولٌ في مذهب الحنابلة، وقول الخطابي، وابن عبد القوي، وابن تيمية، وابن القيم، واستحسنه الروياني من الشافعية، وبه ترجم أبو داود في السنن قال: « باب في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك »، واختار هذا القول المحقِّق العلامة صالح المقبلي، والشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين) حكم الصلاة على الغائب 151 – 152 مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود ع37 س2003.

كيفية صلاة الغائب

  • يصطف المصلون فيها صفوفاً  كما هو الحال في صلاة الجنازة
  • ثم يصلي بهم أحد الناس إماماً فيكبر بهم تكبيرات صلاة الجنازة الأربع.
  •  ثم يبدأ في قراءة سورة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى.
  • ثم الصلاة الإبراهيمية بعد التكبيرة الثانية كما وردت في حديث كعب بن عجرة في الصحيحين،
    وهي: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،
    إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم
    وعلى آله إبراهيم، إنك حميد مجيد
  •  وبعد التكبيرة الثالثة يقوم جميع المصلين بالدعاء للميت ويفضل أن يتمهل فيها الإمام
    ليترك للجميع فرصة الدعاء بما يتيسر لهم، وذلك لحاجة المتوفي الماسة للدعاء.
  • ثم  يقوم الإمام بالسلام بعد التكبيرة الرابعة.

من الذي يجوز عليهم صلاة الغائب؟

  • تعد صلاة الغائب جائزة على كل مسلم مات ببلد آخر: ذكراً كان أم أنثى، صغيراً كان أم كبيراً، باتفاق الفقهاء.
  • وقد ذهب بعض الفقهاء إلى عدم جواز صلاة الغائب ولا صلاة الجنازة على الشهيد (الذي قتله الكفار في المعركة)،
    وقد استدلوا على ذلك بما رواه البخاري وغيره: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر
    بدفن شهداء أحد في دمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم.
  • وقد فسر بعض العلماء عدم أخذهم بصلاة الغائب من قصة النجاشي لبعض الأسباب وهي،
    أنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد فتعينت الصلاة عليه لذلك، ومن ثم قال الخطابي لا يصلى على الغائب
    إلا إذا وقع موته بأرض أو بلد ليس بها من يصلي عليه واستحسنه الروياني من الشافعية.
  • إلا أن بعض أهل العلم قد أخذوا بجواز الصلاة على الشهيد، ويرجع السبب في ذلك ما روي عن البخاري،
  • أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت بعد ثمانِ سنين،
    كالمودع للأحياء والأموات، كما أخذوا أيضًا بما رواه البيهقي مرسلاً أنه صلى الله عليه وسلم
    صلى على قتلى أحد قبل دفنهم.
  • ولكن ما ذهب إليه الإمام ابن حزم من رأي وسطي بجواز صلاة الغائب أو صلاة الجنازة على الشهيد
    وجواز تركها، وذلك إعمالاً للنصوص الواردة في ذلك القول حسن وجيه.

شروط صحة الصلاة على الغائب

  • يعد أكثرها أهمية أن يكون الغائب مكلفاً مسلماً وقت موته.
  • كما يجب التحقق أو غلب على الظن موت الشخص، وفي حالة عدم تيسر العثور على جثمان المتوفي
    للصلاة عليه، فيجوز أن تصلى عليه الصلاة على الغائب، إلا أن أغلب العلماء قد نبهوا إلى أنه إذا كان
    البحث مستمر عن الجثث، فإن الأولى الانتظار حتى يتم العثور على الجثة فيصلى على الميت.
  • أن تبعد بلدة المتوفى عن بلد الصلاة عليه ولو كانت المسافة بين البلدين دون مسافة القصر، فإن كان المصلون والمتوفى في بلدة واحدة فلا تجوز الصلاة إلا بحضور المتوفى ولو كبرت البلدة، ولعل الأيسر اعتبار قرب وبعد البلدة في عصرنا باعتبار الحدود بين المحافظات،
  • كما لا يشترط في جواز الصلاة على الميت الغائب أن يكون الميت مستقبلًا للقبلة.
  • اعتبار الوقت، فالشافعية يقيِّدون صحة الصلاة بمن كان من أهل فرضها وقت الموت، بأن كان مكلفًا مسلمًا طاهرًا؛ لأنه يؤدِّي فرضًا خوطب به، بخلاف من لم يكن كذلك، وقيَّد الحنابلة الوقت بشهر من حين وفاته، وعلَّلوا بأنه لا يعلم بقاء الميت من غير تلاشٍ أكثر من ذلك.

فضل صلاة الغائب

صلاة الغائب وحكمها وفضلها وكيفية صلاتها

تعتبر صلاة الغائب أحد صور صلاة الجنازة ولهما نفس الفضل والثواب.

وهي من صور الترابط والتواد بين المسلمين حيث يهتم كل مسلم بأمر أخيه وإن كان ميتًا غائبًا في بلد أخر.
ونستدل على فضلها ببعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم

  • فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ»،
  • وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه أحمد وغيره عن مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَلَغُوا أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَ صُفُوفٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ»
  • وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» رواه مسلم.

 

مواضيع قد تعجبك